السبت، 25 سبتمبر 2010

ثنائية الخطيب والمتلقي

ثنائية الخطيب والمتلقي
عبد العزيز الخاطر
2006 / 11 / 28
ثنائية الخطيب والمتلقي التي أفرزت عقلية من يمتلك الحقيقة وعقلية من يتقبلها دون نقاش يجب أن تتبدل اذا أردنا لهذه الأمة أن تتحرك من سكونها القاتل وإزمانها الراهن . عقلية مالك الحقيقة وعقلية هاضمها دون تمحيص أو نقاش ، هاتان العقليتان كلتاهما كانتا سبباً رئيسياً في إشكالية تقدم الأمة وخروجها من نفق التقليد وعزوفها عن منحنى الإبداع والخلق ‘ علمياً يثبت التقدم من خلال تطور النموذج العلمي Paradigm حيث يعتبر صحيحاً حتى يظهر نموذجاً آخر يثبت بطلانه أو تطويره . جميع النظريات العملية قامت على ذلك كان النموذج العلمي السابق مثلا يعتبر الأرض مركز الكون حتى ثبت أن الشمس هي مركز الكون وكان النموذج الطبي يعتبر قرحة المعدة مثلا لأسباب أخرى نفسية وجسمانية غير تلك التي أثبتها النموذج العلمي الجديد من انها بفعل جرثومة وتحتاج الى مضادات حيوية ، وهكذا فالعلم في تقدمه عملية نفي بالأساس ومن هنا يتقدم المجتمع وتتطور الحياة . الآن فيما يتعلق بالجانب الثقافي أيضاً يحتاج الأمر الى منحنى من الابتكار فيما يتعلق بالشؤون الاقتصادية ، والاجتماعية والسياسية فالنظرية الكنزية في الاقتصاد مثلا تراجعت أمام النظرية النقدية لفريد مان ومدرسة شيكاغو وهلم جرا
أما فيما يخص الجانب الديني فالتحرك فيه صعب لأن النموذج الديني يحظى بوضع خاص داخل النفوس والعقول ومن الصعوبة بمكان تطوير العقائد والأديان بنفس الصيغة التي يتطور ويتقدم فيها الفهم العلمي أو النظرية العلمية وهنا يجب التفريق بين أنواع النماذج الدينية ومصادرها المعروفة فالنموذج القرآني يختلف عن غيره من النماذج الأخرى فيما يتعلق بفهمه وتفسيره بما يتناسب مع العصر المعاش وعموما يمكن الخروج من مأزق النموذج الديني بأشكاله المختلفة
 من خلال تطوير الفهم والإدراك لغاية وهدف النموذج الديني مع ثبات صيغته التاريخية . وبالتالي من ازدواجية عقلية الخطيب والمتلقي بحيث يدرك الخطيب أن ما يقوله يقبل النقاش أو التأويل وعلى هذا تقوم حركية الفهم ويدرك المتلقي كذلك بأن دوره ليس فقط في عملية التلقي وانما  في عرض ما يتلقاه على عقله كونه مناط التكليف وبالتالي يصبح ذا قدرة على الحوار والمناقشة لكسر مثل تلك الحلقة المقفلة وليصبح الفهم المتجدد هو سبيل الأمة للتقدم والتطور أمتثالاً لسنن الله في الكون والتي عليها تقوم الدنيا وعلى إدراكها يستقيم الأمر كله . على كل حال الخطابة بجميع أنواعها وفنونها فن تجيده الأمة ولكن ما لا تجيده هذه الأمة هو أدب الحوار والاختلاف وهنا يكمن الفرق بين التقدم الايجابي أو الانتحار الذاتي .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق