السبت، 25 سبتمبر 2010

الشغب الفرنسي هل ثمة استفادة تاريخية

الشغب الفرنسي هل ثمة استفادة تاريخية
عبد العزيز الخاطر
2005 / 11 / 17
هل ثمة مقارنة بين فرنسا ودول الخليج العربية ؟ هل ثمة مقارنة بين الفرنسيين من الدرجة الثانية الذين أثاروا الشغب في ضواحي باريس وبين من تجنسهم دول الخليج العربية احتياجاً منها للعمالة وجلهم من العرب طبعاً ؟ تبدو مثل تلك الأسئلة في غير محلها أو سابقة لوقتها . ولكن الأوضاع التي قد تتشابه قد تقود الى نفس النتائج أو من باب الاستفادة من أحداث التاريخ .
التشابه بين فرنسا ودول الخليج العربية في أن كلا الجانبين مستورد للعمالة الأجنبية ففرنسا بعد الحرب الثانية احتاجت الى أيد عاملة رخيصة فجلبت أعداداً كبيرة من البلدان التي استعمرتها وبالذات من المغرب العربي وأفريقيا . وكذلك دول الخليج العربية منذ ارتفاع عائدات النفط ، تزداد حاجة لاسيما مع شروعها في إقامة مشاريع ضخمة للتنمية . وقد استجلبت وجنست أعداداً كبيرة من الجاليات العربية ومن الجنسيات الأخرى .
 الآن :- التحليلات عن أسباب مصادر الشغب الفرنسي تتركز في جانبين : الجانب الأول " ثقافي " والجانب الآخر " اقتصادي " .
الجانب الثقافي : يتمثل في سياسة الاندماج التي تتبعها فرنسا لمن يحمل الجنسية الفرنسية وضرورة انضوائهم تحت سقف القيم الفرنسية دونما أي اعتبار لخصوصية مهما كانت اسماً أو جنساً أو عرقاً ومع ذلك فأن سياسة التمييز تبدو واضحة لصالح العنصر الفرنسي الأصلي على حساب الفرنسيين من الأصول الأخرى .
أما الجانب الاقتصادي : ويتمثل في التهميش لتلك الطبقة من الفرنسيين على جميع المستويات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ولعل التحليلات الأخيرة الصادرة عن الكٌتاب والعلماء الفرنسيين تدل على تدنى دخول هؤلاء وبؤس مدارسهم وتلوث بيئتهم وفقرها .
ولكن ما يهمنا هنا هل يمكن حدوث مثل ذلك في منطقة الخليج نظراً لكثافة أعداد المقيمين والمجنسين ؟
فإذا كانت المواطنة الفرنسية من العنف بحيث تريد أشخاصا يحملون قيم فرنسا فقط ولا يبحثون عن أي شئ آخر بل ويتخلون عن سوى ذلك ومع ذلك لم تستطع تلك المواطنة أن تنحى سياسية التمييز بعيداً فما بالنا بعدم قيام مبدأ المواطنة في دولنا الخليجية والعربية أصلا ، فالحالة ستكون أصعب لو تصورنا مجرد تصور مثل ذلك السيناريو فالعالم اليوم لا يتحمل سياسات التمييز أياً كان مصدرها أو اتجاهها ولاشك أن دول الخليج العربية تعمل على تطبيق قوانين العمل الدولية على الأجانب العاملين في مجتمعاتها ولكن مفهوم المواطنة لابد له من التأسيس بشكل يحفظ الأمن الاجتماعي ، فالفرق بين ما حصل في فرنسا والسيناريو الذى يمكن تخيله في منطقتنا استناداً الى مبدأ الاستفادة من التاريخ ومن تجارب الدول الأخرى سيكون مخيفاً ففي حين أن المواجهة الأخيرة في فرنسا هي بين تلك الجماعات من المواطنين المُهمشين وبين سياسات النظام وليس مع النظام نفسه لأنه أصلاً منتخب فهي لو حصلت لا سمح الله في منطقتنا ستكون مع النظام نفسه أي مع الدولة والفرق واضح وشاسع بين النظام وسياسته بينما لا فرق في ذلك مطلقاً في عالمنا العربي مما قد يعرض البلد والمجتمع للخطر بشكل جذري وهنا يتضح اختلاف التجربة التاريخية بين الجانبين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق