السبت، 25 سبتمبر 2010

الفتنة وعي الأمة الزائف أم قدرها

الفتنة وعي الأمة الزائف أم قدرها
عبد العزيز الخاطر
2006 / 3 / 14
مفهوم يجب تفكيكه
" الفتنة " وعي الأمة الزائف أم قدرها ؟
مفهوم الفتنة سياسياً نتاج العقلية العربية الإسلامية بامتياز وهو مفهوم يدل على قصور سياسي تاريخي عن بلوغ مرحلة الرشد والنضج التي مرت بها مجتمعات أخرى في عالم اليوم . لماذا نحن فقط دائماً في خوف من اشتعال الفتنة ؟
لماذا مجتمعاتنا العربية والإسلامية هي فقط مسرح لمثل ذلك الاشتعال ؟
أولاً وقبل كل شئ ما هي الفتنة أصلاً ؟ وما هي مكوناتها ؟ لا أجد تفسيراً لها ! انها منطقة محظورة عجزنا أو عجزت أطراف الأمة عن مقاربتها بشكل يدخلها ضمن أحد مستويات العقل الجمعي للأمة ، فمكثت تلك الأطراف على حدود هذه المنطقة خوفاً من السقوط فيها لأنها لا تزال في مرحلة اللامعقول واللامتفاهم حوله وتظل الأمور هكذا حتى يحصل حدث مأساوي معين يدفع أحد الأطراف في السقوط في المنطقة لتشتعل الفتنة وتأتي على الأخضر واليابس . أما مكونات " الفتنة " فهي تتراوح بين الأبعاد الدينية أو الطائفية أو القبلية .
وهذه في اعتقادي مكونات ما قبل المجتمع المدني وهذا يفسر عدم وجود مثل هذا المفهوم في البلدان المتمدنة والمتطورة ، هل يمكن الحديث عن " فتنة " بهذا المفهوم في دول أوروبا الغربية المتقدمة ؟ أو في الولايات المتحدة الأمريكية مثلاُ عرف تاريخنا عبر عقوده الطويلة منذ فجر الإسلام فتناً عديدة بسبب غياب السياسية باعتبارها عاملاً يتوسط بين الخلاف وكذلك صلابة الفهم الديني وبروز العامل العرقي الاثني فلا تلبث الأمة أن تجد نفسها في أتون حرب شعواء جُرّت إليها جراً دونما استعداد أو تهيب . من هنا حتى تاريخنا الحديث جداً مر ولا يزال يمر بمثل تلك الفتن التي يجب اخراجها من إطارها الملتبس بالدين وادخالها ضمن عملية القصور السياسي والمؤسساتي للمجتمع . فاجتياح صدام للكويت أقام فتنة والحرب اللبنانية الأهلية أيضاً فتنة لسقوط البعض في تلك الفجوة أو المنطقة المحظورة بمعنى أن مثل تلك الأحداث فجرت مكونات الأمة وجعلتها في مواجهة مع نفسها وهي التي حاولت طويلاً نسيانها أو تناسيها وليس حلها . هذا هو القصور التاريخي . للخروج الآن من ذلك المأزق الذي تكرر وسيتكرر عبر التاريخ لابد من الإشارة الى بعض المنافذ المحتملة .
أولاً :- الاعتراف بنسبية المعرفة لدى جميع الأطراف لان ادعاء الحقيقة والمعرفة التامة تعنى الصدام مع الآخر لا محالة مهما طالت المدة وامتد الدهر .
ثانياً :- اقامة الدساتير المدنية القائمة على المساواة والمواطنة لانعاش المجتمع من سباته التاريخي ومرجعياته بجميع أشكالها
ثالثاً :- إخراج مفهوم الفتنة من الوعي العربي ومن النسق الديني لان استمرار هذا الوعي يعني توقع وجودها وقيامها لا شعورياً طال الزمن أو قصر ففتنة
 " الرجل في دينه " مثلاُ أو " فتنة المسيح الدجال " مختلفة تماماً عن ما يقع ضمن ذلك المفهوم حالياً .
رابعاً :- تفكيك مفهوم الفتنة واعادته الى جزئياته وهي في الحقيقة خلافات طائفية كانت أم دينية أم قبلية يمكن التفاهم حولها ووضع الآليات الدستورية والقوانين المدنية للتعامل معها .
خامساً :- دمقرطة السلطة العربية والإسلامية وتعقيد اتخاذ القرارات المصيرية لكيلا تتكرر " فتن " بمستوى غزو دولة لدولة أخرى .
أعتقد أن مثل تلك الإجراءات سوف تخرج هذا المفهوم " الفتنة " من مكانته الرهيبة في زوايا الوعي العربي وتعيده الى مكانته الحقيقة والملموسة كأن يفتن الشاب الوسيم قلوب النساء أو أن تفتن المرأة الجميلة الرجال وهما أمران لا يلامس خطرهما أطراف الأمة بل ويمكن التحصن منهما بالأخلاق والتدين أو حتى بالزواج . الوعي بأن الفتنة قدر للأمة حمّلها, أي الامة, ما لا تحتمل وجعلها تنقل داءها فى ردائها .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق