السبت، 25 سبتمبر 2010

الدولة العربية والتطور المنقوص

الدولة العربية والتطور المنقوص
 تزاوج الرأسمالية الناقصة مع البنية الإقطاعية
عبد العزيز الخاطر
2005 / 10 / 10
الوضع العربي الراهن في جميع اتجاهاته وتعرجاته يتطلب رؤية جديدة وتشخيصاً بعيداً يمتد الى الجذور الأولى . لا يمكن وقف التدهور الشامل لقوى الأمة وعلى جميع الأصعدة ومواجهة حفر الخنادق لبعضها البعض بمجرد معرفة نتائج ذلك من خلال تشكيلاته الظاهرة . المشكلة تبدو أعمق من ذلك بكثير حيث تبدو الإعاقة التي تعاني منها الأمة منذ عصورها الأولى سبباً رئيساً في ذلك وبالإمكان تحديد تلك الإعاقة في البناء الإقطاعي الذى تقوم عليه الأمة وبقائه حتى اليوم بالرغم من تعرضه لكثير من التصدعات إلا انه لا يزال قائماً ونشطاً ، وتشكيلات البناء الإقطاعي متعددة فهي ليست فقط امتلاك الأرض بل البشر والدين .. .. .. الخ .
تلك الإعاقة واكبت تاريخ الأمة بعد أن استطاع الإسلام تجميعها حول وعي مشترك واحد لكن لم تلبث الثروة المتراكمة للامة أن عددت من ذلك الوعي ومن أشكاله حتى داخل الدين الواحد .
وعلى الرغم من محاولات بعض الإصلاحيين والنهضويين العرب تفكيك تلك البنية من خلال قبول التعددية ومقاومة الاستبداد والنهوض بالأمة إلا أن جذور ذلك البناء كانت أقوى من تلك المحاولات .
وعبر التاريخ كانت المعارضة تقاوم ذلك البناء الإقطاعي  بنفس أدواته وتعيد إنتاجه من حيث تدري ولا تدري ولم تكن مقاومته منطلقة أساسا من الوعي بضرورة استبداله بجميع أشكاله وتشكيلاته سواء ما يتعلق به من الجانب المادي كامتلاك الأرض والأوطان والبشر أم جانبه المعنوي كامتلاك الحقيقة بأشكالها المتعددة الاجتماعية أو الدينية أو الاقتصادية .
وظل الغرب دائماً وأبداً نموذجاً للتطلعات والآمال للخروج من هذا المأزق فأدخلت الأنظمة العربية تحسينات على أبنيتها وسياساتها مع إبقاء التركيبة الإقطاعية لخدمـــة مصالحها ؛ فأقيمت الانتخابات وأصدرت الدساتير والقوانين ولكنها جميعاً كانت ولازالت تستمد حركتها من قوة البناء الإقطاعي المسيطر وازدادت الأمور سوءاً بعد دخول العالم المرحلة الرأسمالية الغربية الحالية . وللتاريخ فأن المرحلة الرأسمالية لا تتفق بتاتاً مع البناء الإقطاعي لأنها في الأصل نفياً له فالرأسمالية الغربية قضت على جميع الأشكال والنماذج السابقة لها من عبودية وإقطاع وسيطرة على الدين .. .. .. الخ فهي نظام يرتكز على أسس اجتماعية حديثة أقامها بنفسه وهي بدون ذلك نظام ناقص ومضر وعميل كذلك .
فالتآلف القائم اليوم بين تلك الرأسمالية المستوردة والناقصة في دولنا العربية والبناء الإقطاعي القائم هو ما ينتج العنف بأشكاله في عالمنا العربي اليوم لأنه يهمش الفئات الأخرى في المجتمع ولا يجعل لها بديلاً سوى ذلك فالرأسمالية القائمة في عالمنا العربي رأسمالية وكالات تجارية ولا ترتكز على أسس صناعية قوية .
ومن هنا يبدو أنه لا محيص عن ضرورة إزالة ذلك البناء الإقطاعي المسيطر في دولنا العربية بأشكاله المادية والمعنوية حتى يمكن تجاوز الأمة لأزماتها في جميع المجالات . فالفشل هو نتيجة جميع المحاولات التي لا تأخذ في اعتبارها ذلك فجميع تيارات الأمة السياسية عبر تاريخها كانت عبارة عن تحالف بين أشكال سياسية مع ذلك البناء الإقطاعي سواء أكانت تلك قومية أم اشتراكية أم رأسمالية كما نشهد اليوم . ان الأمة بحاجة ماسة للخروج من مستنفع الشموليات الجديدة التي يغذيها الإقطاع بصوره المتعددة وان استترت خلف شعارات إنسانية عظيمة كسيادة القانون والدستور الديمقراطي وحق الانتخاب والتصويت .
فالأمر لا يتعدى كونه واجهة لمشكلة أعمق لم يفلح الوقت ولا محاولات الإصلاح من اجتثاث جذورها المتأصلة في الحياة العربية حتى النخاع . ان التشخيص السليم للمشكلة قد يكون البداية الحقيقة لعلاجها وهو ما نرجوه ونتمناه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق