السبت، 25 سبتمبر 2010

موجز البيان فى الحرب على لبنان

موجز البيان فى الحرب على لبنان
عبد العزيز الخاطر
2006 / 8 / 14
مهما تكن النتائج السياسية المترتبة على انتهاء الحرب الإسرائيلية على لبنان ، فثمة نتائج واضحة وضوح البيان وثمة دروساً لا يعتريها الشك تجلت من ذلك وثمه انقلاب في المفاهيم الفكرية والعقيدة العسكرية احدثتها مثل هذه المواجهة غير المتكافئة أصلاً ، لتنقل الدول بشكل عام من مرحلة الى مرحلة أخرى لها صياغاتها الجديدة في عالم لم يسبق له أن تشكل بمثل هذه السيادة لقطب واحد وحيث أن المقاومة هي في الأساس رد فعل على تهديد خارجي كان أو داخلي فهي بالتالي إفراز طبيعي لابد من وجوده وإلا مات الجسد وترحمنا عليه . الحرب الإسرائيلية القائمة على لبنان اليوم لها خاصية مختلفة عن حروبنا السابقة معها وبالتالي نتائجها ستكون مختلفة عن سابقاتها بلا شك . فهي حرب بين دولة وقوة عسكرية متفوقة وتدعي تفوقها على المستوى العالمي كذلك في مواجهة مقاومة لا ترتقي الى مستوى الدولة ولا تملك من الأسلحة إلا ما يحمله الرجال على ظهورهم أو ما يمكن حمله من جهة الى أخرى . ثمة دروس آنية يمكن استنتاجها سأحاول هنا تلخيص بعضها لما لهذه المواجهة التي فتحت أفقاً جديداً في دياجير اليأس الذى يلف شعوب أمتنا العربية حتى أن منظر استعراض الأنظمة لجيوشها النظامية المتقاعدة أصبح مثير الاشمئزاز لدى المواطن العربي من المحيط الى الخليج .
أولاً : أن الهزيمة حالـــة فكرية فالشعوب لا تهزم إلا إذا اعتقدت هي ذلك ، قد يتقهقر الجيش النظامي ولكن الشعب في ساعة المصير يتحول كله الى جيش .
ثانياً : عدم اختراق العدو للبناء الداخلي عامل أساسي في تحقيق الثبات والنصر ، حروبنا السابقة كنا في معظمها مخترقين من الداخل ، قوة حزب الله تمثلت في عدم اختراق إسرائيل له فهي لا تعرف عنه شيئاً لذلك كان التدمير في البناء التحتي للمدن والقرى عظيماً كتعويض ولذلك جاءت بيانات إسرائيلية متناقضة حوله وحول قوته .
ثالثاً : أن الإرادة هي ما يحدد مصير المستقبل للشعوب وليست القوة المادية وحدها ، إرادة الحياة اليوم في لبنان أقوى من أي مرحلة في تاريخه فإرادة الحياة اليوم في لبنان تنبثق من جوف الموت المحقق للأطفال والشيوخ والنساء .
رابعاً : أن البناء الخارجي السياسي والطائفي والديني لدى فئات الشعب يختفي في الأزمات لتقوم بدل عنه وحدة المصير وعظمة لبنان اليوم في تكاتفه مع بعضه البعض برغم محاولات إسرائيل المكشوفة لإحداث الفرقة وتغليب فئة على أخرى
خامساً : قلبت هذه الحرب التصور السائد لدى المواطن العربي بأن مواجهة إسرائيل ومخططاتها هي مسؤولية الدول العربية الكبرى فلبنان أصغر الدول العربية يواجه إسرائيل وحده الآن وفي أطول حرب إسرائيلية عربية في التاريخ ومع ذلك لم ينهزم .
سادساً : إمكانية النصر مع شمولية التدمير للمدن والقرى ، لأن التدمير الشامل الأعمى لا يعني النصر بقدر ما يعني اليأس ، فهتلر دمر لندن ومدن كثيرة ومع ذلك انهزم .
سابعاً : أن الانجاز السياسي يحتاج الى انجاز عسكري على الأرض وصمود ومقاومة أولاً والانجاز السياسي المتحقق اليوم في رغبة المجتمع الدولي في إيقاف الحرب وانسحاب المعتدى دون أن يحقق أغراضه وأهدافه كاملة هو نتيجة صمود المقاومة الباسلة ، نتيجة لم تكن متوقعه البتة لدى الجانب الإسرائيلي ولا الامريكي كذلك .
ثامناً : أن إسرائيل قوة عسكرية جبارة في جسد نفسي ضعيف لا يحتمل الخسائر البشرية كثيراً لحساسيته أمام فكرة الموت ذاتها فهم أقرب الى النزوح من قراهم ومدنهم من غيرهم من العرب الذين يفترشون الصحراء ويسكنون الجبال على الرغم من وجود ملاجئ لديهم وتكفي لمعظم سكان إسرائيل . بل وحتى من " أرض الميعاد " ككل اذا ما استمر التهديد .
تاسعاً : أن نقطة الضعف لدى إسرائيل هي الداخل وليس المواجهة الحدودية هذا لم نكن نحتسبه في مواجهاتنا السابقة .
عاشراً : عامل الزمن حاسم لدى إسرائيل فهي لا تقوى على المواجهات الطويلة وحرب الاستنزاف في أواخر الستينات خير مثال وحربها اليوم على لبنان مثال آخر فهي تريد إنهاءها في اقصر مدة ممكنة لأن بقاءها لا يحتمل غير ذلك
أحد عشر : أن الحروب قيادة وتكتيك بمعنى أن تعرف نقاط قوتك مهما كانت إمكانياتك ونقاط ضعف عدوك مهما بلغت وتعاظمت إمكانياته وهذه سياسة طبقها حزب الله خير تطبيق سواء عسكرياً أو سياسياً .
هذه من دروس الحرب الإسرائيلية على لبنان التي اختارتها إسرائيل وفي اعتقادي أنها ستمثل مفصلاً هاماً في تاريخ المنطقة وستغير من نمط التفكير لدى النخب والشعوب كذلك . فنحن بحاجة الى تغير نمط التفكير لتتغير بعد ذلك طريقة وإمكانية العمل والتخطيط . أن هذه الحرب هي على وشك نهايتها بشكلها الحالي فلم يعد العالم يتحمل غطرسة بهذا الشكل ولا تجبراً بمثل هذه الحماقة الإسرائيلية والأمريكية المتمثلة في إرادة بوش .
وكلي أمل أن تمتد نتائجها لإحداث فتح جديد في معركة العالم العربي والإسلامي مع نفسه في الداخل بحيث تصبح أولويات جديدة مصيرية قائمة بدلاً من سابقاتها الفئوية والطائفية والطبقية .
انه الجهاد الاكبر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق