الأحد، 26 سبتمبر 2010

فخ الديمقراطية صندوق الانتخابات وغزو الدهماء

فخ الديمقراطية صندوق الانتخابات وغزو الدهماء
عبد العزيز الخاطر
 2007 / 11 / 22
الخوف على الديمقراطية لا يأتي من خارجها دائماً وانما من بين أضلعها كذلك حين تنعدم المواءمة بين بعض إجراءاتها ونتائج تلك الإجراءات . ثمة ارتباط ذهني لدى الكثيرين بين صندوق الاقتراع العام أو الانتخاب ، وبين تحقيق الديمقراطية . مبدأ الاقتراع العام لا يؤدي بالضرورة الى ديمقراطية تمثيليـة . بل أن الكثير من المختصين يرون أن هناك تنافراً وعدم تجاوب بين مبدأ الاقتراع أو الانتخاب وبين فكرة الديمقراطية ، وتاريخياً كان ثمة احتراس من ذلك فاقتصر مبدأ الاقتراع على فئات معينة دون غيرها في مراحل تاريخية معينة ودائماً كان هناك احتراس أيضاً من فتح أبواب الديمقراطية على مصراعيها دون حذر أو ترقب خوفاً من انعكاس الوضع أو تراجعه الى نقطة الصفر أو البداية ، وبمشروعية ديمقراطية هذه المرة . الخوف من القوى غير الموزونة اجتماعياً كان هاجساً لرواد الفكرة الديمقراطية في مهدها الأوروبي كذلك لأن هذه القوى قد تعيد انتخاب الحكم الملكي المطلق أو على العكس من ذلك قد تطالب بالمساواة والحرية الكاملة التي قد لا تقيم وزناً للأخلاق أو الآداب العامة . وكان الرأي السائد في تهذيب مبدأ الاقتراع العام خوفاً من اقتحامه من قوى الدهماء , فاقتصرت هذه الممارسة في عهود تاريخية على دافعي الضرائب أو على طبقة معينة دون غيرها مثلاُ خوفاً من ذلك . فثمة ارتباط بين التوفيق بين فكرة الاقتراع أو الانتخاب العام وبين الديمقراطية التمثيلية حتى تكون أكثر تمثيلاُ للواقع . فصندوق الانتخاب كما يقال أعمى وينحاز دون هوادة للأكثرية وليست دائماً الأكثرية ديمقراطية فلذلك ثمة نوع من التنقيح أو التلقيح بين الديمقراطية كإجراءات وبين مفاهيم جديدة تخفف من حدة لكي يتواءم او يتوافق مبدأ الاقتراع العام مع فكرة الديمقراطية نفسها ومن هذه المفاهيم او الاضافات؛ الديمقراطية الليبرالية والديمقراطية التوافقية كذلك ، الأولى تحفظ حقوق الأقليات وتراعيها وتركز كذلك على الحرية الفردية والأخرى تبدو حلاً لمجتمعات يغلب عليها الطابع الاثني أو الطائفي أو الدينى.
خطورة الفكرة الديمقراطية أن الجميع معها ولكن حسب ظن هذا الجميع وما تحققه له من منفعة أو نفع ، فهي ان تركت هكذا لإجراءاتها فقط دون وعي لتلك المواءمة بين مبدأ الانتخاب والمبدأ التمثيلي الحقيقي للديمقراطية سحبها الدهماء الى ملعبهم بأحقية صندوق الانتخاب الذى لا يجادل أحد في نتائجه . تلك الإشكالية عانى منها الجميع أو قد يعاني منها حتى الدول المتقدمة فصندوق الاقتراع قبل فكرة التحرز هذه أتى بالحزب النازي الذى قاد العالم الى الحرب العالمية الثانية من ألمانيا كما أتى بزعيم الحزب القومي النازي (على ما أظن) الى رئاسة الوزارة في دولة ديمقراطية دستورية كالنمسا ، لولا الانتباه والتحرز كذلك لضرورة المواءمة بين الطرفين حتى بعد ظهور النتائج الأمر الذى تكرر مع التجربة الجزائرية في انتخابات بداية التسعينيات عندما اختار معظم الشعب الجزائري الاسلاميين لكن فكرة الاحتراز هذه لم تمكنهم من تسلم الحكم فعلياً وهو الأمر الذى يحتاط له مسبقا فى دولة مثل مصر مثلا.على كل حال ليست المسألة بهذه السهولة بالنسبه للتوفيق بين الجانبين فأخلاقيا يجب الالتزام بنتائج الانتخابات العامة وفى نفس الوقت كذلك يجب الحفاظ على تمثيل حقيقي للشعوب يحفظ للتاريخ مكانته وللأمن الاجتماعي دوره ولجميع القوى الاجتماعية في المجتمع أحقيتها في المشاركة والمساواة قدر الإمكان . أهمية الموضوع كونه يؤسس للفكرة الدستورية نفسها التى انتجت فى قمة تجلياتها الممالك الدستورية ومبدأ الفصل بين السلطات أي الدفع الى تحقيق أقصى الاستفادة من تراث الديمقراطية كفكرة وكممارسة.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق