الثلاثاء، 28 سبتمبر 2010

نحو مواطن أقل هذيانا

 
 
  
 
وحده المجتمع المدني القادر على ايقاف هذيان المواطن وتحويله الى طاقة عمل وبناء. لو استقرئنا التاريخ لوجدنا أن التغيير الراديكالي وما قد يصاحبه من سلبيات هى نتيجة عدم الاكتراث بهذيان المواطن الذى قد يأخذ شكلاً آخر عندما تصطدم آماله وطموحاته بما لا يطيقه أو يستطيع التعبير عنه فقد انتقل دور الدولة عموما من علاج هذا الهذيان جذرياً الى كيفية التعامل معه ومن ثم تنفيسه.المواطن العربي "والقطري جزء لا يتجزأ منه" مريض بالهذيان والاكتئاب يخلط الماضي بالحاضر والدين بالدنيا يهذى بأمجاد الأمس ولا يملك حاضره وليست لديه القدرة على استشراف مستقبله, يتكلم عن الحرية وهو أول من يحرمها على غيره, يتحدث عن النظافة ليلقي بأوساخه فى الشارع وأمام البيت, يتأسف على ضياع الأمانة ليمارس النفاق سراً , يدعو الى النظام ليفتخر بتجاوزه بعد ذلك, يبكى على الديمقراطية الغائبة لينحاز الى العرق والطائفة والقبيلة حتى الرمق الأخير, يطلب الانتخابات ليكون أول المتنصلين من نتائجها, يقول شيئا فى العلن ليضمر شيئا آخر فى السر, يمارس التقية ويدعي صفاء النية. المواطن العربي هنا ضحية أكثر منه جان لكل تلك المثالب ، هي تمظهر حقيقي لغياب المجتمع المدني الحقيقي الذي يرفع الشخص الى مستوى الايمان بالفكر الذى يميز الانسان عن غيره من الكائنات والذى يعطيه الحق فى الدفاع عما آمن به والقوة فى قول ما اقتنع به كذلك.المجتمع المدني وحده القادر على انتشال المواطن من بؤرة التكور حول الذات لحمايتها الى مجال الحوار الانساني البناء والثقة بالنفس والانتماء المهني والفكري اللازم لبناء الوطن والأمة. لن تكون الدولة أية دولة على هدى وبصيرة وهى لا تحمل فى ثناياها بذور مجتمع مدني حقيقي, هو بوصلتها الحقيقية نحو بر الأمان هو الحد الفاصل بين رشدها وغيها. لقد ظلم المواطن العربي غير مرة , ظلم عندما صدق وعود الديمقراطية الآتية لا محالة ولم ير سوى شعارات ترفع وعبارات تردد, وظلم عندما دعي الى الانتخابات وهو فى غرفة نومه وبين أحضان عشيرته وقبيلته الأقربين وطلب منه أن يتنصل وأن يخرج بنتائج تتفق ووجود المجتمع المدني, وظلم ثالثة عندما فرغت الدولة مكونات المجتمع المدني من مضامينها والحقته بها فكان وبالاً على المواطن لاعوناً له فأصبحت تلك النقابات وتلك الجمعيات والأحزاب ليس لها من المجتمع المدني سوى الاسم كمسمى الديمقراطية المصاحب لاسم العديد من دولنا العربية التى لم تر الديمقراطية ولم تشتم رائحتها. وبعد كل هذا وباسم الواقعية والظروف والتطور يطلب من المواطن أن يكف عن الهذيان وعينه لا ترى سواه عياناً.
 انكم تطلبون المستحيل !!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق