الثلاثاء، 28 سبتمبر 2010

الحج والبعد الانساني

الحج والبعد الانساني
عبد العزيز الخاطر
2008 / 12 / 15
جماعة " الصحبة " التنظيم الفعال والضمير المستيقظ
آذان الله للناس بالحج دعوة انسانية عظيمة تسحق تحتها كل تجزئة وتفرق أو تميز وأمره سبحانه وتعالى للناس بشهادة منافع لهم جراء ذلك تدل على تعدد منافع وايجابيات هذه الفريضة العظيمة حيث الأمر أبعد من مجرد الأداء الآلي دونما اغتسال الروح وتعاليها وتجردها فوق الماديات والمحسوسات. انها مقابلة مع الله قبل خروج الروح من البدن فى بيته وحول مشاعر حبيبه صلى الله عليه وسلم أما علم السنين والحساب فهو واضح فى التوقيت وترادف المشاعر وتكرار ذلك سنويا عدد ما تغيرت الأجيال وتبدلت الأحوال.
لقد منّ الله عليّ بأداء فريضة الحج لهذا العام وقدر لي أن أشهد توحد الجانب العملي بالجانب الروحي وآلية الأداء بروحانية الدعاء ولم يكن ذلك شيئا سهلاً أو متيسراً لولا توفيقه سبحانه لي بأن أكون أحد أعضاء جماعة" الصحبة " لهذا العام والتى دأب صاحباها الأخ عبدالله بن أحمد المهندي " أبو احمد" والأخ محمد حسن نقي " أبو جاسم" منذ أكثر من عقد على تنظيم رحلات للحج تقوم أساسا على أهمية اقتران الجانبين لهذه الفريضة العظيمة وليس هذا فقط وانما الحرص كل الحرص على أن يستفيد الحاج معهما من كل دقيقة من دقائق تلك الأيام القلائل المشهودة الى جانب ارساء مفهوم الصحبة بين المجموعة وما يمثله من بعد انساني هام برغم فروق السن فيصبح الأمر لقاء من أجل الله وفى محبته رسوله الكريم كل ذلك دون أي سعي لأي مكسب مادي أو دنيوي بل أن مايزيد من تكلفة هذه الصحبة أو الرحلة يعود للجماعة لاقتسامه بعد ذلك معظم حملات الحج ينتهي دورها بعد وصول الحاج الى المشعر ونقله بعد ذلك الى مشعر آخر وكم شهدنا وقتا ضائعاً لدى الكثير ولغواً شائعا فى غير مكانه ولا زمانه نظراً لعدم توافر النظرة التكاملية للعديد من حملات الحج لهذه الفريضة ذات الطابع الخاص والمتميز فى تاريخ البشرية كلها وعدم الاهتمام بتنظيم هذا الوقت الثمين وربطه دائما فى ذهنية الحاج بأنه قد لا يعود عليه وهو فوق التراب فيستشعر بالتالي عظم ما قد يفرطه فى حق نفسه وجسامة ماقد يضيعه فى حق الله ومساءلته له. أجزم هنا بأننا فى جماعة " الصحبة" هذا العام لسنا استثناء لولا برنامجنا المزدحم  المتمثل فى اقامة الليل وقراءة القران والتفاسير والتكبير وأذكار الصباح والمساء والتى حفظها البعض من كثرة تكرارها حتى في الحافلة على الطرق حيث التنقل من مكان الى آخر والمتابعة والحرص الدائمين من جانب الأخوين الكريمين أبو أحمد وأبو جاسم على ابقاء هذا البرنامج المزدحم والذى يقدم بطريقه انسانية واعية ومنظمة تقرن بين أداء الشعائر والتاريخ وتجرد النفس خاصة وأن الرحلة تشتمل أيضا على زيارة مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم ومواقعها الفاصلة في تاريخ الأمة وقبور رجال الاسلام الأوائل من الصحابة والتابعين .كم كانت نظرات الأخ أبو أحمد تلاحق الغافل منا حتى ينتبه ويعود من تلقاء نفسه الى الذكر وقراءة القرآن كيلا يبدو خارج المكان والزمان , كم كانت أسئلته تشحذ المتكاسل ليستذكر ما قد نسي من أحاديث أو ذكر , كم كان دعاء الأخ أبو جاسم مؤثراً فينا حتى بكى له الصغير قبل الكبير فى عرفة حيث فجر التاريخ للانسانية جمعاء أو في" منى" حيث مشهد الحشر مصغراً عند رجم الشيطان وهوى النفس, لقد منّ الله عليهما بالقدرة على امتصاص تمرد الشباب وتوجيهه بصورة أكثر فائدة حيث العدد الأعظم للمجموعة من الشباب الغض وكذلك حسن استماعهما للكبير وملاحظاته وادماج الجميع في جو أخوي حميم من الحوار النافع. لم أشهد حج السنين السابقة ولكنني أستطيع أن اقول بارتياح أن نجاح أي عمل يحتاج الى عاملين اثنين أولهما نستطيع تسميته بالظرفي أو الخارجي والآخر يمكن الاشارة له بالعامل الداخلي أو الشخصي وفيما يتعلق بموسم الحج هذا العام فإن العامل الخارجي أو الظرفي المتمثل فى الجهود العظيمة والجبارة التى تبذلها حكومة المملكة العربية السعودية جعل من هذه الرحلة الايمانية فى منتهى اليسر والراحة فالتسهيلات حيث مشيت وحيثما استقررت وإن كان ثمة قصور فهو فى جهل من يحج بفقه الحج وعدم التزامه بشروط السلامة من نظافة وتطهر وتمثل لروحانية الحج فى ذاته . أما الجانب النفسي أو الداخلي كما أشرت فهو ما يحرص عليه أصحاب جماعة "الصحبة " الأفاضل من العمل بالارتقاء بالحج الى مستوى الروحانية والتنظيم برغم آلية أداء المشاعر .ان عملية تنظيم وقت الحاج فى منتهى الاهمية واشاعة روح الاخوة بين الحجاج تأخذ بيد المتكاسل وتنبه الغافل وترتفع بالأداء بما يعود بالنفع على الجميع.
لقد عدنا أكثر تنظيماً أو تقبلاً للتنظيم فى حياتنا بعد هذه الرحلة الفاصلة فى تاريخ الانسان المسلم, ابتعدنا عن الرسميات لنعود أحباباً نلتقي فى حب الله وحب رسوله عليه الصلاة والسلام, ابتعدنا عن الألقاب لنصبح أكثر قرباً وانسانيةً لبعضنا البعض, تركنا زخرف الدنيا على أمل أن يصغر في أعيننا يوما بعد آخر فلا نستبدل الأدنى بالذى هو خير , تبددت الهموم وتلاشت الأحزان واضمحلت الفوارق فلا تسمع الا حمداً لله وثناء على رسوله الكريم, لقد كان بيننا صاحب المركز ورجل الأعمال والمهندس والطالب والكبير والصغير وذو الجاه ولكن لم نستشعر ذلك كله أمام تسامي انسانية الاسلام ومركزية الانسان فى الكون ووقوفه مجرداً خاوياً من أحمال الدنيا وزخرفها الزائل أمام خالقه.ان فلسفة الحج تقوم على استشعار المساواة ووحدة المصير, فكرة التميز فكرة دنيوية خالصة يجب أن تخف حدّتها وقوتها بعد أداء الانسان لهذه الفريضة , لقد لبسنا أكفاننا يوما أو بعض يوم ونزعناها وليس ببعيد أن نلبسها متى ما شاء الله بل ذلك حتماً مقضياً لتذوب معنا فى قبورنا التى ندعو الله أن تكون روضة من رياض الجنة.
ان هذا المقال ليس تزكية لأحد بقدر ما هي مشاعر عائد من أداء هذه الفريضة العظيمة والذى استشعر أهمية ليس فقط أداؤها بل طريقة هذا الأداء وتنظيمه فهذه الأمة في حاجة ماسة للتنظيم لتحقق أهدافها وغاياتها.وليس تنظيم وقت الحاج وربطه ببرنامج بما يخدم الهدف الأسمى للحج سوى حجر الأساس لذلك.
جزى الله الأخوين  أبو أحمد وأبو جاسم" صاحبي جماعة" الصحبة" خير الجزاء وجعل عملهما خالصاً لوجهه سبحانه وأورثهما الجنة يتبوءان منها حيث يشاءان انه على كل شيء قدير وتحياتي وأمنياتى الطيبة لجميع الأخوة فى الجماعة الذين سكنوا القلب والضمير وكيف لا وقد مشينا وتآلفنا في أعظم مكان مشت له قدم وأسمى هدف التف حوله بشر.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق