الثلاثاء، 28 سبتمبر 2010

مصر والبحث عن الذات الدور العربي وآلام الفقد

مصر والبحث عن الذات الدور العربي وآلام الفقد
عبد العزيز الخاطر
2008 / 12 / 31
فى السياسة لا يوجد فراغ دائم ,عندما سقط الاتحاد السوفيتي أخذت الولايات المتحدة حصته كاملة,وعندما تلاشت بريطانيا تقدمت أمريكا لتسد الفراغ وعندما انكفأت مصر داخل مصريتها بسطت اسرائيل هيمنتها على المنطقة , وعندما تضاءل الدور العربي واضمحل فى المنطقه تصدت الاجندة الاسلامية كاسرة الترابط بين الدورين لتأخذ زمام المبادرة بخصوصية لا تضع بالضرورة المصلحة العربية في أولوياتها. هذا هو التاريخ من يتنصل عن دوره التاريخي المنوط به عليه أن يتحمل النتائج . لا يخفى على أحد التجاذب الاقليمي فى المنطقة وبروز قوى جديدة تبحث عن دور أكبر لها في المنطقة وخفوت وتراجع لقوى أخرى في مقدمتها الدور العربي وتضاءل دول أمام مستحقات الدور التاريخي فى مقدمتها مصر وما لجوء مصر لتركيا الى مثال واضح لتراجع دورها وفقدان لمصداقيتها ضمن اطارها العربي ولا أعني هنا الشعب المصري بل القيادة المصرية , ولا يخفى على أحد كذلك أن ما قامت به اسرائيل من ابادة للشعب الفلسطيني فى غزة وارتياحها لذلك واعتدادها باستمراره والتلذذ بذكر ايجابياته ما هو إلا رقص على هذا التجاذب الاقليمي وملء لفراغاته وفجواته, فغاية ما يرجوه " المتواطئون" والساكتون ضمنا عن مثل هذا العدوان السافر هو تحجيم الدور الايراني خوفا من تكرار نموذج حزب الله على الجهة الأخرى من المنطقة , ومع ذلك فهناك عدة أمور لابد من ايضاحها حول ما يجرى وموقف الأطراف والمنطقة ككل حتى تكتمل الصورة.
اولا: لا يمكن لأي عربي مهما كان توجهه أو انتماؤه ولا يمكن لأي نظام يدعى عروبته أن يبرر المجزرة التي يتعرض لها قطاع غزة وأن يضع عبارات مثل "حذرنا " ونبهنا" كتبرير أو أن يفتح ملفات أخرى قبل العمل الفورى والفعال لوقفها, انها ابادة جماعيه فوق أي مصطلح أو خلاف سياسي أو اقليمي.
ثانيا: علينا التنبه أن ما تقوم به ايران يصب فى تيار مصلحتها الاقليمية كدولة كبرى في المنطقة لها أولوياتها واستراتيجيتها ولا يمكن تعقبها على ذلك طالما أن هناك فرصة وفراغاً أو تنصلاً للبعض من دوره جعل من الوضع أكثر تهيئة وأكثر جهوزية لها لأن تقوم بذلك.
ثالثا: فلسطين كانت دائما قضية العرب الأولى ولكنها لم تعد فعليا كذلك بعد كامب ديفيد واذا استمر الشعار مرفوعاً فثمة انفصال وشرخ بين الأنظمة والشعوب جرى بعد ذلك وخاصة بين النظام المصري والشعب المصري والدليل أن أكبر مقاومة للتطبيع مع اسرائيل تأتي من الشعب المصري نفسه وبعد مرور كل هذه السنين وبالتالي شعرت اسرائيل بعد ذلك بنوع من الارتياح والخروج من الحصار المضروب حولها وشعرت الانظمة العربية الأخرى بنوع من الحل من الالتزام القومي جراء ذلك.
رابعا:أين الدور العربي وركيزته مصر ؟ ان تحول مصر من دولة مواجهه مسوؤلة الى دور وسيط بين العرب واسرائيل ترك فراغاً عربياً كبيراً فى قضية العرب والمسلمين الكبرى أمكن للغير اتيانه من البوابة الاسلامية حيث انها قضية المسلمين الأولى كذلك طالما أن الدور العربي انكمش ولم يعد رأس الحربة فى ذلك.
خامسا: لا قيمة لمصر فى المنطقة إلا من خلال الدور العربي فهى لا تمثل بعداُ آخر غير البعد العربي ، والكلام عن فرعونيتها كلام تاريخي ليس له من مجال اليوم فى عالم السياسة.
سادسا: أين الاجندة العربية حتى نلوم الآخرين بالتدخل وتمقص أدوارنا؟ لا يملك العرب أجندة واضحة تجاه أي قضية وما الكوارث التى حلت وتحل بالأمة من حرب الكويت الى غزو العراق الا بعض الأدلة على فقدان العرب لأجندة واضحة وهذا لا يمنع من القول بأن الانظمة العربية لها أجندات خاصة بها وفي مقدمتها توارث السلطة والثروة.
هذه الايضاحات أراها ضرورية وأساسية لكي ندرك ما نراه من مناظر ومشاهد يصعب علينا تصديقها وتفاجئنا بين الفينة والأخرى فالأزمة هيكلية فى بنية النظام العربي ولا يكفى تناولها دبلوماسياً وسياسياص بشكل سطحي . علينا الوعي بأن الدور العربي فى القضية الفلسطينية دائما كان دوراً مقاوماً ورافضاً ومتى ما تخلى عن ذلك فقد ذاتيته وبقائه . ان حماس ضحية غياب هذا الدور العربي المقاوم وضعف قدرة الانظمة العربية على استحضار الدور الاسلامي وتحمل تبعاته ونتائجه لقد تم الفصل و التلاحم بين الدورين بالأخص فيما يتعلق بقضية فلسطين المقدسة عربيا واسلاميا. ان مصر اليوم وهى تفقد أهم صادراتها وهو الدور المصري الفاعل انما تتنكر لذاتيتها وتاريخها العظيم ولا يمكن استرجاع ذلك سوى بعودتها لممارسة دورها العربي والاقليمي بكل تبعاته ونتائجه انه من المخجل أن تلجأ الى تركيا وتنضم تحت اجندتها لايجاد مبادرة لتحفظ ماء الوجه المسكوب.
لا لا لا ليست هذه مصر ولا يستحق الشعب المصري العظيم ولا الجيش المصري الباسل ولا تاريخه المشرف كل هذا الهوان مصر !! ستعود مصر ! لا شك فى ذلك فالكربة عامة وشاملة وليس لها من دون الله كاشفة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق