الثلاثاء، 28 سبتمبر 2010

مهرجان مزايين الديمقراطية

مهرجان مزايين الديمقراطية
عبد العزيز الخاطر
2008 / 8 / 29
العدوى المطلوبة
مهرجان "مزايين" الديمقراطية
تستقطب مهرجانات مزايين الابل فى منطقة الخليج وشبه الجزيرة العربية بشكل عام جماهير غفيرة من مختلف الطبقات فى المجتمع .ولقد سبق للخيل ان احتلت ولا تزال بؤرة الاهتمام فيما يتعلق بهذا المجال ويبدو أن الابل الآن آخذة هي الأخرى نصيباً مماثلاً , من يعرف طبيعة التاريخ والجغرافيا العربية لا يستغرب ذلك البته, فهذان المخلوقان هما اختزال حقيقي لذلك التاريخ وتلك الجغرافيا فهما رمزان مجردان للعربي وشجاعته وصبره, عليهما غزا وبهما انتصر ومن أجلهما ربما خاض الحروب وأشعل الفتن, بل هما رديفان لشعره وأدبه فأجمل بيوت الشعر ما تغنى بهما أو باحداهما ولولا ذلك لأصبح الشعر العربي يعاني من النقيصة خاصة فيما يتعلق بباب الوصف .اشتغال العربي بهما ربما أنساه نفسه الى درجة أنه أصبح يعيش لهما بعد أن كانا مسخرين لخدمته ,جميل أن يكرم ويمتدح الحيوان والأجمل ألا يسبق بذلك الانسان فتكريم الانسان خطاب إلهي ومفهوم التكريم هنا لا يمكن اختزاله زمنياً ولا جغرافياً وانما هو خطاب مفتوح طالما بقي هناك انسان على وجه تلك البسيطة وخيارات الانسان هي فى صلب كرامته واحترامها هو جوهر تكريمه ولب شعوره بانسانيته.
هناك مهرجانات للديمقراطية تطنطن لها دول المنطقة ولكنها مع الأسف لا ترتفع الى مستوى مهرجانات مزايين الابل مثلاً و ببساطة لأن ليس فيها أصلاً مزايين فلا المجتمع لديه القدرة لفرز ذلك ولم تساعده الحكومات على ايجاد آلية فرز مدنية ولا لجان التحكيم لديها من الانصاف ما لدى لجان مزايين الابل فلا غرو أن تتفوق مثل هذه المهرجانات الحيوانية على مهرجانات الانسان الخليجي المصيرية اقبالاً ومشاهدة وعرضاً اعلامياً وجوائز مالية ومكانة اجتماعية.
مأساة الانسان الخليجي أنه نسي أو نسي نفسه وكل ما يمارسه من احتفالات ومهرجانات بعيداً عن خياراته وارادته هي أقرب الى مهرجانات مزايين الابل ففى معظم دولنا الخليجية ما عدا الكويت الى حد ما فإن ركيزة كرامة الانسان وهي حريته واحترام خياراته غير متوفرة ولا تسعى لها الحكومات بالصورة المطلوبة والضرورية للعصر بل إن تكريس التبعية والزبونية والنفاق السياسي جارٍ على قدم وساق وبشكل متطور ويظهر منها بوضوح برامج مسابقات الشعر التى تتوج الوضع الراهن فائزاً بكل الميزات والفضائل ولاتستشرف المستقبل ولا ترقى حتى باللغه ذاتها ومنها كذلك مهرجانات مزايين الخيل والابل حيث مواكبة الشعوب لقياداتها ورموزها تماثلاً ومحاكاة على الرغم من بون المسافة المادية والمعنوية بين الطرفين.
الشعوب بحاجه ماسة الى الانتقال الى مرحلة جديدة تتوّجها مالكة لخيراتها وهي التى أثبتت على مر العصور ولاء تاريخياً لقياداتها ولذلك ومن أجل أن يستمر مثل ذلك الولاء ويتوّج مشاركة فى صنع مستقبل الأوطان لابد من العمل على انتقال المواطن من ذهنية التقليد والمحاكاة الى ذهنية الابداع التى تتطلب شخصية قوية على ابداء الرأي والجهر به وايجاد القنوات السياسية والاجتماعية المطلوبة والضرورية لتحقيق ذلك وهي موجودة ولكن يجب أن يسلط الضوء عليها وأن يجري تقنينها كذلك. اننا فى حاجة الى مهرجانات ديمقراطية على جميع المستويات أكثر من حاجتنا الى مهرجانات المزايين الآخذه بالانتشار السريع و في اعتقادي أن ذلك تسرباً خطيراً للكوادر والطاقات قد يؤثر على الاقتصاد في المستقبل خاصة اذا اعتبرت مناسبات لاثبات الوجود والمكانة فبذلك ستنجذب الطاقات والامكانيات إليها تاركة مفاصل الاقتصاد والتنمية للغير من غير أبناء الوطن. بل اننى أعرف مهندساً شاباً يحمل شهادة ماجستير من احدى جامعات امريكا المرموقه هجر وظيفته ليصبح " مضمراً" للمطايا والمضمر بلغة أهل الخليج من يعتني بالابل ويعدها للسبق .
على أصحاب القرار التنبه الى أن الشعوب التقليدية كشعوبنا مولعة بالتشبه والتقليد والمحاكاة لرموزها أملاً فى التقرب والمنصب والجاه وما الى ذلك خاصة بعد أن اختزل العلم فى شهادات تباع وتشترى فأصبح اضافة قد يتطلبها الأمر عند الضرورة فلا أقل من أن يملي عليهم ضميرهم وواجبهم تبنى معايير انسانية جديدة تبني الأوطان وتحترم الانسان وتعلو بالعلم وأهله والمخلصين والشرفاء من أهل الوطن.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق