الثلاثاء، 28 سبتمبر 2010

بناء الشخصية الوطنية.. كيف؟

بناء الشخصية الوطنية.. كيف؟
عبد العزيز الخاطر
2008 / 7 / 1
ربط المصير بدولة القانون واستقلال القضاء
القطري وبناء الشخصية الوطنية.. كيف؟
كان تشرشل زعيم الانتصار البريطاني فى الحرب العالمية الثانية يسأل عن استقلالية القضاء عندما يزور أو يتحدث عن أي دولة أو مجتمع ينوى زيارته أو تقييم وضعه ومكانته بين الأمم . لا يسأل عن أي شيء آخر سوى استقلالية القضاء ليدرك بعد ذلك مصير ومستقبل تلك الدولة وذلك المجتمع. بنية المجتمع المدني الحديث تقوم على ذلك وغياب تلك الاستقلالية يصل تأثيرها الى بنية الشخص النفسية والعقلية كذلك.
عندما لا يواكب الأطر القانونية والادارية والتشريعية بصفة عامة تطور حقيقي في بناء شخصية انسانها أو مواطنها وذلك ينتج عن أمور عدة  سوف أشير الى بعضها لاحقاً يحدث خلل كبير فى عملية التنمية المرتجاة لا يساعد على تطور هذه الأطر وتلك التشريعات الى الأفضل أو باتجاه المواطن كهدف ومبتغى من وضعها أساساً . بمعنى آخر ألا تكون هناك تغذية نقدية راجعة من جانب المواطن تساعد على تطويرها وتعديلها بل يغلب خصائص النفسية المضطربة على الردود ويسود الصمت عدا ومضات من الهمس الخفي هنا وهناك. خطورة ذلك أنه يعطي مؤشرات خاطئة لصاحب القرار ومصدره بأن الأمور جميعها على ما يرام ولا تحتاج حتى الى مراجعة فينتفي عن العملية حتى بعدها الانساني الخطّاء وتفتقد عملية التفاعل الايجابي اللازمة بين متخذ القرار من جهة والمتأثرين به من جهة أخرى فتصبح الخسارة على المجتمع ككل.
ان بناء الشخصية الوطنية الحقيقية التى تجعل من الوطن ومصلحته بؤرة اهتمامها أمر هام وضروري وأساسي لبناء المجتمع المترابط الفعال والمتفاعل فى نفس الوقت فالمطلوب أولاً عملية تفكيك نفسية لشخصية المواطن واعادة تركيبها بشكل آخر يستبعد منها أهم عاملين مسؤولين عن توترها وعدم تفاعلها بايجابية وهما: الخوف وعدم الثقة ومن مظاهر هذين العاملين ينتج تشوهاً حقيقياً يجعل من المواطن يقول ويمارس شيئا وهو فى السلطة أو المنصب ويتحدث ويمارس نقيضه تماماً بعد خروجه من المنصب أو السلطة اذا جاز لنا تسميتها فالنقد لدينا ليس حالة ثقافية وانما حالة كيدية فالخوف أثناء المنصب تحول الى نقيضه دون اتزان حتى فقد وظيفته وجرى الاستهانة به تبعا لذلك .ومن مظاهر هذين العاملين أيضا التمسك بالمنصب حتى على حساب القناعة وهى ظاهرة خطيرة أي أن يعمل الانسان ويمارس دوراً لا ترتضيه قناعاته ولا ضميره كذلك نتيجة الخوف وهي أقرب الى الجاسوسية وعدم الثقة فى بناء الدولة التنظيمي. ومن مظاهرها كذلك تشويه نمط العلاقات الانسانية بين أفراد المجتمع فالعلاقة مع صاحب المنصب فى منصبه شىء وبعد خروجه من ذلك شيء آخر مما يساعد على تفكيك المجتمع ويزرع الشكوك والهواجس بين أفراده.
الآن كيفية الخروج من هذه الحالة المرضية تتأتى بزيادة جرعات المجتمع المدني فى شرايين المجتمع التى من أولوياتها كما أشرت فى المقدمة استقلال القضاء وبناء هياكل مجتمع مدني حقيقية تنبع من داخله ومن وسطه الاجتماعي وبمحض ارادته. فالمواطن العربي اجمالا ما لم يتحرر من الخوف المتوارث داخله والذي نعت بأنه وصفة مطلوبة ومبتغاه خوفاً من المجهول والشرور القادمة وجرى تأبيده بناء على ذلك. لم يثمر أمناً من الشرور ولا سلامة من المجهول بل تمظهرت أعظم انجازاته فى تأليه الزعيم والقائد حياً وانتقاده الى درجة تعريته من ثيابه ميتاً
ولقد سبق للزعيم الراحل أنور السادات أن وضع شعاراً لمرحلته تحت مسمى " لو كان الخوف رجلا لقتلته ليأمن شعبي" ولكن مجتمع الشعارات أيضا مظهر من أخطر مظاهرغياب المجتمع المدني الحقيقي لأنه يجري الاكتفاء بها دون العمل من أجل تحققها فعلياً على أرض الواقع وهى كذلك حضن دافىء للخائفين من غياب آليات المجتمع المدني ومؤسساته الحقيقية. يلتحفون بها طالما هى مصدر آمن وينزعونها متى أصبحت عبئاً ثقيلاً وخطراً ماثلاً ولو كانت من صلب العقيدة والمعتقد. تبدو كذلك أهمية ربط الانسان العربي بصور تاريخه الانسانيه منها أمرا مطلوبا ما عدا ما يتعلق بالنظام السياسي أو السلطة السياسية فيجب العمل على تحريره من تأبيدها وربطه بالحاضر لانها سلطة مدنية متحركة ترعى مصالح الانسان المرتبطة بشرع الله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق