الأحد، 26 سبتمبر 2010

قضايا المواطن عندما يعبر عنها بما يشبه النباح

قضايا المواطن عندما يعبر عنها بما يشبه النباح
عبد العزيز الخاطر
2007 / 3 / 14
ثمة فرق كبير بين " النباح " وبين " النقد " أو بين الطرح البناء عندما يتحول النقد الى " نباح " لا يُصغى إليه لأنه عمل دون " بشري " ولا يرقى الى مستوى البشر . البشر يحتاجون الى النقد البناء بعيداً عن بحّة " النباح " وعلو صوت النابح ولكن كيف يتحول النقد الى نباح أو الناقد الى " نابح " هنا لابد من الإشارة الى عاملين ، أولهما : نفسي معني بكاتب النقد أو الناقد و الآخر موضوعي تقع مسؤوليته على كاهل من يشرف على سياسة الجريدة أو المجلة أو وعاء النقد بصورة أشمل .
العامل الأول : عندما يخلط الكاتب بين مشكلته أو ما يعاني منه والقضية المراد طرحها بشكل واع أو لا شعوري في معظمه يتحول النقد الى صورة اقرب الى " النباح " الذى ذكرت لأنه يستخدم ميكانيزم الدفاع عن ذاته ولو كان من خلال قضية الغير ، فالحيادية مطلب صعب في جميع المجالات ولكنها في مثل هذه الحالة أصعب ، خاصة اذا كان المجتمع يحتكر آلياته التاريخية والاجتماعية الخاصة به للتقييم وأصعب تلك الحالات الشعور بالنقص أمام مجتمع قد حددت فيه المراتب والمواضع والدرجات مسبقاً فهو يموضع الفرد في زاوية وموقع محدد لا يستطيع معها فراقاً فهو هنا (أي الفرد ذو الحالة) في حالة دفاع دائم عن نفسه حتى قبل أن يبادره أحد بالهجوم وكل انتقاد لما يكتب أو يقول هو طعنة في وجوده فيخرج النقد من فمه نباحاً لا يمكن أن يرد عليه آدمياً ويتطلب النزول الى درجة أقل من ذلك فيترك بالتالى ليذهب مع الريح .
العامل الآخر : مسؤولية من يضع سياسة الجريدة أو المجلة ,والقراء وأصحاب القضايا والشأن عليهم أن يختاروا و " الحال هذه " الأكثر استقرار نفسياً والأكفأ قلماً والمنساب اجتماعياً دونما شعور بالنقص أو الدونية حتى لا يعاني من المجتمع ولا يعاني المجتمع منه ومن إشكاليات وبواعث نفسه . هذا إذا أردنا أن نرتقي بمستوى الخطاب الناقد في جرائدنا ومجلاتنا وإلا سنضطر الى فك رموزه " نباحاً " لا يستحق أن يرد عليه . فبذلك سنخسر مساحة هي أولى أن تكون للنقد البناء المتداول ضمن النسق " الإنساني " ولا يندرج نحو مستويات اقل .
أن قضايا الوطن لا تحتمل " النباح " ولكنها تحتمل النقد الراشد ، والمواطن لا يحتاج الى سب أو طعن أو استهزاء بالآخر للدفاع عن همومه ولكنه يحتاج الى عرض موضوعي مقنع مسند بالأدلة والروح الواثقة والنفس الطويل للحوار لا دفقة " النباح " القصيرة التي يجرى تجاهلها لقصر نفسها وعجزه .
فالنقد في أساسه يولد نقداً مضاداً اذا افتقد الى الموضوعية والمعّول يبقى في أين يكمن الجزء الأكبر من المصلحة العامة ولدى أي طرف لأنها في حقيقتها (أى المصلحة العامة) " كلُ " لا يملك الفرد منه إلا جزءاً منظوراً إليه من جانبه في حين أن الآخرين كذلك لهم زواياهم التي يرون بقية أجزائها من خلالها .
على كل حال الجرأه شى جميل ولكن لابد لها وأن تقترن بالصدق والموضوعية وليس بالتشنج والردود الأشبه بالنباح لأنها (أي الجرأة) في ذلك قد تخرج من الصفة الايجابية فى اقترانها بالانسان الى صفة هى ايجابية ايضا ولكن لغيره من مخلوقات الله!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق