الأحد، 26 سبتمبر 2010

وعي الهزيمة وهزيمة الوعي

وعي الهزيمة وهزيمة الوعي
عبد العزيز الخاطر
2007 / 4 / 13
عندما تهزم الأمم فعلياً يسود وعياً معيناً يتناسب مع ثقل تلك الهزيمة وأبعادها ، ويقوم بالتالى نقداً ذاتياً يمنع من تحول هذا الوعي الى حالة من الديمومة والثبات الثقافي. فبعد أن هزمت اليابان وألمانيا أعلنتا استسلامهما حصلت تبدلات وتغيرات كبيرة داخل تلك المجتمعات وربما شعور بالذنب لما جرّته تلك الحرب التي تسببت تلك الدولتان في قيامها على الإنسانية جمعاء ووضعت الخطط على ذلك الأساس وفي اتجاه النهوض والعودة الى الفاعلية الدولية من أبواب أخرى ، هذه في بعض أبعادها ثقافة رفض الهزيمة ، ولكن أن ينتقل وعي الهزيمة ويتحول الى ثقافة ذاتية الانتاج فذلك شأن آخر .
أعتقد أننا دخلنا تلك الدائرة بعد حرب أكتوبر عام 73 وتم هضمها واستيعابها بعد رحيل الرئيس السادات وبالتالي تم التصرف من خلالها بعد قيام القطب الواحد في نهاية الثمانينيات ، فالتحرك العربي منذ ذلك التاريخ ينطلق من ذلك الأساس ، الشئ المدهش أننا كأمة لم نتعرض لكارثة بقدر ما تعرضت لـه اليابان أو ألمانيا في الحرب العالمية الثانية من تدمير واحتلال من قبل قوات الحلفاء ، فنكسة حزيران بقدر بشاعتها وتأثيرها على الأمة لم تفت من عضدها بحيث استطاعت الأمة وبعد أعوام قليلة من ذلك شن حرب قوية ضد المحتل الإسرائيلي ، فلم تكن هناك ثقافة للهزيمة بعد تلك النكبة ولكنها كانت ثقافة التحدي والإصرار على مسح آثار العدوان ، ولكن كيف تم إدخال الأمة وأنظمتها داخل نسق التفكير من خلال الشعور بالهزيمة ؟
 أول ما يتبادر الى الذهن للإجابة على ذلك السؤال هو استبدال النظرة القومية في الدائرة العربية والنظرة الأبعد شمولية وهي الإسلامية بالنظرة القُطرية . فلم يعد هناك أمن قومي أو إسلامي وأنما هناك أمن قُطري وربما شخصي لكل نظام . أن التفكير من خلال القُطرية الضيقة في عالم اليوم يُعد هزيمة في حد ذاته . فالخلل الحاصل اليوم في عالمنا العربي خلل هيكلي وهو عبارة عن مزيج من القُطرية تمثلها الأنظمة وشعور قومي تموج به الشعوب وتنادي بسيادته وفي كلتا الحالتين لابد من توافق الطرفين للخروج من تلك الازدواجية ، فالقُطرية ليست مقيتة إذا ما كانت حلقة ضمن رؤية أكبر واتسعت أهدافها لتشمل المستقبل ضمن الأبعاد الجغرافية والتاريخية ، ولكنها مأساة عندما تدفع بنا للتفكير كمهزومين ، ونحن أمة كسائر الامم التى تكبو ولكن لا تزال تحمل في طياتها أوصالاً كثيرة وشرايين عديدة للحياة الكريمة . أنه وعي الهزيمة الذى يدفعنا الى استشعارها حتى قبل أن تقع وهزيمة للوعي الذى يجعل منها قدر لا يمكن دفعه.






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق