الأحد، 26 سبتمبر 2010

اعدام صدام ومكر التاريخ

اعدام صدام ومكر التاريخ
عبد العزيز الخاطر
2006 / 11 / 7
لفظ إعدام لا يخيف في بغداد ، ربما كلمة الحياة أكثر غرابة . هنا الموت رائحة مستمرة ومشهد مستمر يكاد يكون غيابه هو الاستثناء . الحاكم في بغداد على موعد مع الموت دائماً . لم يتوقع صدام كلمة غير ما نطق به القاضي ، التاريخ في منطقتنا وفي بغداد دائماً يضع إرادة الحياة في مقابل الموت للآخرين ، ولم يشذ صدام عن أقرانه كثيراً وأنما كان أسوأهم حظاً . كان في حياته استثناءاً لأنه صنع أحداثاً استثنائية ؛ يتعدى بعضها نطاق المعقول وفي مواجهة مصيره كان كذلك استثناءاً . جميل أن ينتقم المظلوم من الظالم في حياته وجميل لو أن الآخرين يتمثلون نهاية الظلم والبطش ولكن القبيح أن يحاكم الحدث ويترك التاريخ ، أن يعدم المستبد وتترك آلية إنتاجه مستمرة .
كان الوضع سيبدو بشكل آخر لو أن ظلال الديمقراطية الموعودة كانت ترفرف على بغداد ساعة إعلان الحكم كان سيبدو كذلك نموذجاً يحتذي ويخيف قلاع الاستبداد في كل عاصمة عربية ، كان الوضع سيبدو أكثر جمالاً وإشراقا لو أن العراقيين هم من أصدر الحكم من ألفه الى يائه .
كان الوضع سيبدو مثالاً للتفاؤل والخروج من نفق الظلم والاستبداد لو إن الشارع العراقي لم تدنسه يد التدخلات الخارجية من كل صوب ولم تزكم الانوف فيه رائحة الطائفية والمذهبية بشكل لم يسبق له في التاريخ . على مر التاريخ لم يكن للديمقراطية التي يريد الأمريكان زرعها في العراق نافذة تطل منها على نهر دجلة فهو لم يكن استثناءً بهذا المعنى وعلى مر التاريــخ
لم تكن بغداد مطواعة لضعفاء البأس وقليلي الحيلة . صدام أخطأ وارتكب الكثير من الحماقات والجرائم ولكن التاريخ يخبرنا بأن حقبة الجرائم والآثام دائماً تتلوها حقباً أخرى مغايرة لا يعود فيها مكان لتلك الجرائم والآثام ، لم يخبرنا التاريخ إطلاقا بأن حقبه الجرائم تحاكمها حقبة أخرى مماثلة . الدم اليوم في بغداد أكثر استباحة والأمن أُمنية كل عراقي والدين أشتاتا والعراق عراقات ، كيف يحاكم فصل والمسرحية مستمرة .
ثنائية الجلاد والضحية ثنائية مستمرة عبر تاريخنا الطويل لم يتغير الجلاد العربي ولم يغير من أدواته كما حدث لدى الغير لم يزل فرداً ولم يزل بشراً لم يتحول الى مجموعة من القوانين والتشريعات كما حدث لدى الغير . ولكن الضحية عبر التاريخ تغيرت فلم تعد فرداً أو مجموعة أفراد ولكن أصبحت شعوباً ومجتمعات كاملة مجردة من أبسط حقوقها وما يحميها من الجلاد ورعونته .
إشكالية تاريخنا العربي؛ أن الجلاد والضحية يتبادلان الأدوار ليس الا ! فلا الضحية دائماً كذلك ولا الجلاد يستمر في أداء دوره حتى آخر المسرحية وفي هذه الحالة فقط تتجلى الضحية لتصبح فرداً لتذيق جلادها اشد اصناف العذاب ويتنحى الجلاد ليصبح شعباً بأكمله .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق