الاثنين، 27 سبتمبر 2010

الوضع العربي بين الإصلاح وحُسن إدارة الفساد


    

أعراض الوضع العربي الراهن يمكن أجمالها في عدة مظاهر هي استبداد السلطة ، غياب الديمقراطية وآلياتها ، تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للغالبية العظمي من أبناء الشعوب العربية، بروز طبقيه واضحه,قيام راسماليه مشوه لايصاحبها اصلاح سياسى حقيقى استولت على محصلاتها نخب معينه, تراجع مكتسبات الأمة وضياع حقوقها وجميع وصفات العلاج بدون استثناء ومهما كان مصدرها اجتماعياً أو دينياً أو ثقافياً كانت تؤكد على أهمية إصلاح الوضع مع اختلاف درجة وحدة هذا الإصلاح سواء كان راديكالياً أو تدريجياً ورغم ذلك وصل بنا الوضع الى ما نحن عليه .
وفي اعتقادي أن افضل المداخل لمعالجة الوضع العربي الراهن في صورته الحالية يبدأ من الجهة المقابلة لعملية الإصلاح أي من حُسن إدارة الفساد الموجود نظرا لتعقد عملية الإصلاح ذاتها بعد ذهاب الأيديولوجيات ومأزق الاستخدامات السياسية للدين وحضور المصالح بصورة طاغية في عالم اليوم ، فثمة ثقافة عالمية سائدة للفساد لا يمكن إنكارها وتسقط معها التصنيفات السابقة التي تضع الأمور ضمن خطوط تحكمها الأيديولوجيات والأخلاقيات والمبادئ ولها محدداتها الواضحة التي تبين الخطوط الفاصلة بين الصلاح والفساد كمصطلح الخيانة والرجعية والوطنية والمروق عن الدين ... ... الخ ، كل حسب أيديولوجية خاصة مع بروز ثقافة العولمة التي هي في الأساس انسياب متدفق لمعطيات الثقافة الغربية المتمثلة في انفتاح الأسواق المالية لاقتصادات ضخمة وسيطرة كاملة لشركات هذه الاقتصادات في ظل جمود معطيات الثقافات الأخرى فهناك عملية اجتياح واضحة وشرسة لا تحمل اعتباراً لخصوصيات هذه المجتمعات والثقافات بالتالي هناك عولمه واضحة للفساد . لقد ذهبت مرحلة الوصفات العلاجية الطوبائية التي بشرت بها المذاهب السياسية والأخلاقية على أشكالها ، لذلك يجب التعامل اليوم مع الأوضاع القائمة من جانب كلا الطرفين الأنظمة والشعوب على أن لا يصل الفساد القائم – هذا ليس تبريراً للفساد – الى مراحل قد تدفع الى تبني العنف والإرهاب لخطورة ذلك على الجانبين لما تمثله القوى الكبرى الطامعة والمتحفزة لإيجاد المبررات تلو الأخرى لبسط وتأكيد نفوذها يوماً من آخر .
من النقاط التي يمكن الأخذ بها اعتماداً على هذا المدخل البديل.
أولاً : تخفيف وطأة الاستبداد الظاهر عن طريق توسيع المشاركة بجميع أشكالها حتى مع عدم اكتمال الدائرة الديمقراطية المتمثلة في تداول السلطة .
ثانياً : توسيع رقعة الاستفادة من المال العام لجميع طبقات الشعب في جميع البلدان العربية .
ثالثاً : تأكيد وإعادة الاعتبار لرموز المجتمع التاريخية الفاعلة في ظل الاجتياح الرأسمالي الحالي والذى يمجد فقط صاحب رأسمال بعيداً عن أية اعتبارات أخرى .
رابعاً : إعادة الاعتبار للقيم الإنسانية المتضائلة أمام موجات الفساد المالي والسياسي .
خامسا: ضرورة الاستعجال فى تدارك ثروات الامه من خلال مطالبة الشعوب بقيام ادوات رقابيه على هذه الثروات وان لاتترك لخيارات نخبويه لاتضع الصالح العام فى بؤرة اهتماماتها
سادسا: عبر تاريخ هذه الامه كان لغياب الرقابه اثر كبير فى الذهاب بخيراتها قديما وحديثا والرقابه رغم بيروقراطيتها فى عالمنا العربى الا انها الحل الانسب لمواجهة فكر الغنيمه المتأصل فى العقليه العربيه واعنى هنا الرقابه الشعبيه من خلال المجالس والبرلمانات المنتخبه مهما كانت افرازاتها الا انها فى الاخير ستعمل على تاصيل مبدأ الرقابه عبر الزمن وقد جسد شاعر العربيه الكبير المتنبى ثنائيه الرقيب والمتربص بالمال العام بالناطور والثعالب بعد ذهابه الى مصر فى زمن كافور الاخشيدى . ونتيجة نوم الرقيب عن ثعالب المال العام.
هذه بعض البدائل المتاحة وهي في الحقيقة إصلاحات ولكنها نظراً لموجة الفساد المتعولم الحالية قد يكون من الصعب مقاربتها من هذا المدخل لصعوبة البدء من نقطة الصفر > وقد يبدو من الانسب العمل على حسن إدارة الوضع الراهن والمتدهور بشكل يمكن معه زيادة جرعات التغييرات الإيجابية وتقليل فوائض الفساد ما أمكن . لأن هناك قدر من الفساد يمكن احتماله كما يحتمل الجسم السليم قدراً من السموم يتحرك داخله بحرية دون أن يؤذيه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق