الأحد، 3 أكتوبر 2010

هل يستحي العرب ؟

هل يستحي العرب ؟

عبد العزيز الخاطر
2009 / 1 / 5

 
فضحتنا غزة
تضع المواجهة القائمة فى غزة بين الكيان الصهيوني وجيشه الأرقى والأفتك في العالم وبين المقاومة الفلسطينية الباسلة ليس فقط احتمالات وواقعاً جديداً على الأرض وانما أيضا دلالات وألفاظ ومعانٍ جديدة فى القاموس اللغوي والثقافي العربي وتزيح بالتالي مفاهيم ومعان وكلمات عن مدلولاتها السابقة التى درجنا عليها واستأنستها آذاننا. انها بداية لحقبة ثقافية جديدة بمصطلحاتها ومدلولاتها الثقافية, كانت الارادة لدينا ارادة الأنظمة والجيوش النظامية فإذا بها تتأكد اليوم بأنها ارادة المقاومة بعد أن فرضتها حرب 2006 فى لبنان, كان الموت لدينا نهاية لا نسعى لها فإذا بأهل غزة يتسابقون اليه, كان القادة يختبئون ويديرون المعارك من وراء حجاب فاذا بقادة المقاومة الفلسطينية في غزة يتقدمون الصفوف ويرفضون مغادرة مقارهم ويحتفون بالشهادة وأسرهم وأطفالهم فى نفس اللحظة, قيم ومعايير ودلالات أخرى اختفت من قاموسنا السياسي والثقافي منذ زمن , ولكن المفهوم الأكبر الذى قلبته غزة جذرياً بصمودها أمام كل هذه النار التي لا تبقي ولاتذر هو مفهوم الهزيمة. كانت لدينا تعني الانكسار العسكري وفي أقصى صورها تدني الروح المعنوية فاذا بها تعني معنى آخر يقتص من تاريخ الأمة ودينها وشرفها وهو "قلة الحياء" نعم فالحياء فى مضمونه مشاركة ضمنية وايمانية وقومية ليس لتضميد الجرح ولكن للنصرة وعدم اطفاء جذوة المقاومة , تاريخنا الحديث برغم نوازله وعثراته تاريخ حياء الأمة أمام مستحقاتها لذلك كانت الهزائم عسكرية فقط لاتلبث أن يتم تجاوزها مادياً.  تم بناء حاجز الصواريخ العظيم بعد هزيمة 67 العسكرية بل بناء الجيش المصري كله تم بعد ذلك ! انه حياء الأنظمة أمام تاريخها وأمام شعوبها, الحياء المشترك فى معانيه القصوى يوحد الأمة فتشترك فى النصر والهزيمة . دخول الملك حسين حرب 67 برغم ضعفه العسكري وجبهته الطويلة المكشوفة أمام اسرائيل كان حياءً قومياً ووطنياً. وقوف العرب مع مصر وسوريا وتعريض مصالحهم للخطر بايقاف النفط كان حياءً قومياً ووطنياً .ذهاب بومدين الى موسكو وعرض كل ماتملكه الجزائر لقاء تزويد مصر بالأسلحة حياءً فريداً نفتقده اليوم برغم أن العلاقات بين العرب وقتئذ لم تخلو من الصعوبات ولكن الأنظمة لم تفقد حياءها بعد بل وآمنت بأن هزيمتها الفعلية فى فقدانها اياه . وقبل ذلك التاريخ كان حياء النظام المصري يتطلب وقوفه مع أشقائه فى كل مكان وتقديمه للشهداء لنصرة القضية الفلسطينية. حياء الأمة يجعلها تلبي نداء الالتئام والتوحد فى أقصر وقت ممكن, لا أحد يسكن فى الخفاء ولا أجندات غير تلك التى يعرفها الكل. أعتقد بأن غزة بصمودها اليوم كشفت بأن الأمة منهزمة حتى النخاع بقلة حياء أنظمتها وليس بعجزهم عسكرياً أو مادياً فترساناتهم من الأسلحة شاهد على قلة الحياء فهي مكدسة يأكلها الصدأ .
الرد النظامي الرسمي العربي على مجزرة العصر قلة حياء بلا شك ! وهزيمة فضائحية اذا ما استخدمنا تعبير ما قبل غزة, وجود السفارات والقنصليات في العواصم العربية وآلة الحرب الاسرائيلية تبيد الشعب العربي فى غزة تظهر عورة النظام العربي وفقده آخر نقطة حياء فى وجهه وتنكره لتاريخه. استعمالهم لهذه الكارثة كورقه سياسية وتصفية للحسابات فقد للحياء ما بعده فقد ورقص على جثث الأطفال والشيوخ والنساء, عجزهم عن عقد قمة بمستوى الحدث سقوط للوجه الرسمي العربي بأكمله.
 لقد فضحتنا غزة فالكل يبحث عن قشة ليتعلق بها وفود هنا وهناك اسلامية وعربية وأردوغان وبان كى مون وغيرهم ممن لا يزالون يمتلكون الحياء الانساني يسعون لنجدة الثكالى والأرامل والشيوخ والعزل من أمة فقد نظامها الرسمى حياءه أمام أبنائه  وأمام تاريخه ومستحقاته .
أمس اتصلت بالأمل
قلت له:هل ممكن أن يخرج العطر لنا من الفسيخ والبصل ؟
قال : أجل
قلت: وهل يمكن أن تشتعل النار بالبلل ؟
قال: أجل
قلت: وهل من حنظل يمكن تقطير الى العسل؟
قال: أجل
قلت: وهل يمكن وضع الأرض فى جيب زحل
قال: نعم, بلى,أجل, فكل شى محتمل
قلت :اذن عربنا سيشعرون بالخجل؟
قال : تعال ابصق على وجهي اذا هذا حصل …..
أحمد مطر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق