الأحد، 3 أكتوبر 2010

المواطن العربي بين الحلم وكابوس اليقظة

المواطن العربي بين الحلم وكابوس اليقظة
عبد العزيز الخاطر
2009 / 3 / 21
"اختلاف الليل والنهار ينسي"
1
بين المواطن ووطنه فى أي بقعة من العالم علاقة لا يمكن حصرها ضمن أبعاد محددة , ووشائج فيها من التداخل ما يجعل من أحدهما يسكن جوف الآخر. حلم المواطن العربي امكانية تحققه قائمة مادياً وهو فى ذاته لا يتعدى الحلم الانساني فى أي مكان من العالم , كرامة ,حرية ,عدالة , مساواة بمعاييرها الانسانية طبعا , ومع ذلك كلما أراد هذا المواطن أن يستيقظ ليعيشه حقيقة لم يجد سوى الأمس يعتاده ثانية, فلذلك أن يشقى المواطن العربي لا يعني بالضرورة أن يعيش مدعقاً فى الفقر ولكنه قد يسير بلا هدى ولا بصيرة شعوراً منه بأن مستقبله قد سرق منه , ثمة من يمسك بيديه يسحبه سحباً الى حيث لا يدرى. أن يشقى المواطن العربي يعنى أنه قد يمسى على علم ليصبح على علم آخر, شعوره بأنه صفر على الشمال هو قمة الشقاء والانهاك , أن يشقى المواطن يعنى أنه آخر من يعلم ليس بما يدور حوله ولكن حتى بمصيره وبما قد يؤول اليه حاله, يشقى المواطن عندما يشعر بأن الجغرافيا قد خذلته وضاقت به وبأن وطنه قد ملّ منه ويريد فكاكه. يتعب كثيرا عندما يشعر بأن غده قد استبيح وأن ظنونه قد ذهبت ادراج الريح. لقد اعتقد أن زمن الشقاء قد ولى بلارجعة بعد الاستقلال وحمل الأوائل عنه ذلك العناء وتلك المشقه ليوفروا له الاستقرار والاطمئنان, كيف له أن يتصور غير ذلك والأمم المتحدة تقول من خلال احصائياتها أنه فى مقدمة دول العالم الأعلى نصيبا ودخلا من الناتج الاجمالي على المستوى العالمي, أيكذب واقعه ويصدق الاحصائيات, ثمة خلل , كيف يشقى وميزانية بلدانه تظهر أرقاماً تاريخية لم يسبق أن تحققت, أيهما يصدق واقعه أم ما يقوله المسؤولون. البحث عن الصدق أصبح ديدنه وشغله الشاغل لكثرة مايسمع وما يشاع عن وضعه ومستقبله, أصبح يشك حتى البيانات الرسمية هل حقا وصل سعر برميا النفط الى هذه الارقام الخيالية. لا يرى لذلك انعكاسا على حالته ووضعه وبعد انخفاضه عليه أن يتحمل التبعات.كيف له ان يصدق أن الثروة تفرز فاقة وضيقاً فى الرزق, لم يعد يتكلم عن المستقبل كما كان انه الآن يتشبث بالحاضر كى لا يذهب بمكتسباته وبتعب السنين, كيف ضاقت الارض به حتى غدت موضعاً , وشح به الزمن حتى بداغريبا بين حواريه واهله . كيف امست تلك الاحلام خبرا وحديثاً من أحاديث الجوى, لقد نسج ظهور النفط حلماً تنامى وكبر فى جزء من عالمنا العربي زاده اكتشاف الغاز وغيره من الثروات الطبيعية والبشرية ثقة وتاكيداً بأن الحلم فى طريقه الى التحقق لينسجم والبيانات العالمية والاحصائيات الدولية ولكن الواقع لا يزال يحكي قصة أحلام غد مستباح. نداء من القلب أن تعيدوا الى المواطن العربي وطنه المستباح, نداء من القلب ألا تجعلوه يشقى أكثر من ذلك فقد أعيته السنين.خسارة الوطن أكبر حيث لا وطن دون مواطن وإن اكتست ارضه بغثاء كغثاء السيل.
2
فى عالمنا العربى من محيطه الى خليجه كم من الداخلين الى المناصب والآخذين بنواصيها خرجوا منها ممتليء الجيوب, وقليل جدا من رجع بالراتب فقط, ان عدم وجود ضمان اجتماعي حقيقي وعدم شعور بمواطنة حقيقية , يجعل من الكرسى غنيمة مابعدها غنيمة وفرصه لا تفوت خاصة فى غياب المساءلة وفقدان الرقيب. نفتقد الى الكثير من التشريعات الضامنة لوجود جهاز ادارى مستقر وقادر وفعال بل نفتقد أساساً للسلطة التشريعية المنتخبة .ثمة ترابط حقيقي بين اقرار الدستور وايجاد السلطة التشريعيهةلم تظهر بوادره بعد لدينا مما يجعل الأمر مفارقة. عانت كثير من الدول من قضية استغلال المنصب أو الكرسي لأمور لا تخدم الوطن ولا المواطن. حتى أن مطلب كشف الذمة المالية أصبح مطلبا ملحا وضروريا لمن قد تبوأ منصبا هاما تنفيذيا كان أم تشريعيا.
ضرورة الحد من النظرة الى المنصب وكأنه مغنم وبصاحبه وكأن ليله القدر قد انشقت وتبدت اليه يجب أن تتوقف . انها قضية ايمانية فكرية فى المقام الاول. واقعنا المؤسف يدفع بالقيم الى التلاشي وبالمبادىء حتى يساورها الشك فى ثباتها. ينادى البعض بأن كرسي السلطة أو المنصب أشبه بكرسى الحلاق لكثرت مرتاديه وجالسيه ولكن فى حالات كثيرة يكون الحلاق قد اختفى أو ربما أخذته غفلة من الزمن فنسي مبدأ التغيير الذى تقوم عليه مهنته فيتملك الجالس على الكرسي شعوراً بانه قد امتلكه وبأن الدنيا لايمكنها الاستمرار وهو بعيد عنه . الادارة العربية عموما لابد لها من الالتزام بمبدأ التغيير وهو مبدأ من الصعب أن يستقر فى الاذهان طالما اعتبر المنصب غنيمة والكرسي فرصة ما بعدها فر صة ,,,,,,,,,, وياروح ما بعدك روح !



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق