الأحد، 3 أكتوبر 2010

احراق القران والحقيقة الايمانية

احراق القران والحقيقة الايمانية
عبد العزيز الخاطر
2010 / 9 / 10
ردود الفعل على نية القس الامريكى صاحب الكنيسة الصغيرة فى أطراف ولاية فلوريدا احراق القران الكريم ، كشفت عن وعى رسمي غربى واستنكار صارخ لدى جميع المسؤولين الغربيين بما فيهم رجال الكنائس الكبرى لمثل هذا العمل الشائن وهو أمر جيد ويحسب للاسلام كدين شامل وينتشر انتشار النار فى الهشيم
وبالطبع أن يكون الرد العربى والاسلامي من الادانة والشجب ، يحمل الكثير من الالم والاستنكار بما يتفق والنص السماوي الالهي الذى يجمع أصحابه بأنه النص الوحيد الذى لم يشوه ولم يأته الباطل من خلفه أو من بين يديه.
ما لفت نظري ليس ما سبق لأنه متوقع من أي مجتمع أو نظام يحترم الاديان وأصحابها وخياراتهم ولكن هو فى عدم فهم الكثير من شيوخنا وخطبائنا لحقيقة الايمان نفسه . لقد حضرت لأكثر من خطيب دعا الله عز وجل وهو صادق فى أن ينزل عقابه الآنى والسريع على هذا القس وفى التو والساعة والا يمكنه من اتمام عمله, أتفهم غيرة هذا الخطيب او ذاك وحرصه وخوفه على قرآنه . ولكننى اعتقد أن مثل هؤلاء أغفلوا أمراً هاماً وجوهرياً جداً وهو أن الحقيقة الايمانية حقيقة مفتوحة الى أن تقوم الساعة وليس فيها اجبار ويقوم على ذلك بالتالي عدالة الحكم فى اليوم الآخر. وتناسى هؤلاء بالتالي كذلك انه لو تم ما أرادوا حرفيا من انتقام فوري من هذا القس لانتفى بالتالي حقيقة الايمان الاختياريي ولأصبح الايمان بالاسلام بالذات عملا اجباريا وغفلوا أن مثل هذا الامر لو تم يتنافى والارادة الالهية.
لو أراد الله لآمن كل من على الأرض قال تعالى " إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّن السَّمَاء آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ " (الشعراء)
اذاً ليست العبرة بانزال الانتقام فى التو واللحظة فلسنا فى زمن المعجزات وأهلها وليس فى الدعوة لذلك وتجييش النفوس كما حصل فى أزمة سليمان رشدى والرسوم الدنماركية وفى كلا الأمرين فشلنا ، وفشل فقهاؤنا وغضبنا ثم سامحنا بل وسمحنا !
لو أن الجهات الرسمية الغربية تواطئت أو تقاعست أو شجعت لأمكن الدفع رسميا بممارسة نوع من الضغوط عليها ولكن ذلك لم يحصل. فالمطلوب اليوم ترشيد ردود الفعل الاسلامية وما يتفق وحقائق الدين والشعور بصلابة ما يقفون عليه وما تحمله صدورهم. ثم دعونا نفترض أن هذا القس أحرق القرآن ولم يصبه شيئا وعاش سعيداً واغتنى وهو أمر قد يحدث لأن فى الأمر جانباً مادياً على ما أعتقد فأين دعاؤنا ودعواتنا وأين الخلل؟ طبعا الخلل فينا لأننا لم نفهم حقيقة الايمان وبأنه عمل مفتوح ويسبقه اختبارات وابتلاءات كثيرة تصيب الفرد والأمة والتاريخ يحكي ما تعرض له القرآن والبيت الحرام ولا يذكر أن تدخلت ارادة حاسمة سوى في عام الفيل ضد ابرهه ، وهو عام مولد الرسول أي قبل الاسلام
اذن , لا يزال الجانب الدعوي متخلفاً وأصحابه جلهم لا يتفقون والفهم الحقيقي للحقيقة الايمانية ويعتقدون بأن الأمور تلقى هكذا وان كانت تتضاد وسنن الله فى الكون التى جعلت من الدعاء سبيلاً أخيراً بعد جميع الاسباب بما فيها حقيقة الفهم للدين نفسه. ان حقيقة الدين المنفتحة الاختيارية تتطلب مثل هذه الاختبارات وقد يأتي أمر أدهى وأمر ولكن الواثق لا ترعبه ولا تزيغ من بصره وإن دعا فإنه يدعو بما يتفق وحقائق الدين وحقيقة الدنيا أيضا كدار ابتلاء و لا يتعجل الدعاء انتصاراً لفهم ناقص أوعمل منقوص ويتوقع أن تبكى معه السماء أو أن تنشق الأرض لطلبه !


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق