الأحد، 3 أكتوبر 2010

الحوار الساخن- الحدث الايراني توليدي وليس نهاية

الحوار الساخن- الحدث الايراني توليدي وليس نهاية
عبد العزيز الخاطر
2009 / 6 / 23
عندما قامت الثورة الايرانية في أواخر سبعينيات القرن المنصرم سارع المفكر الفرنسى ميشيل فوكو للتواجد هناك وعندما سئل عن ذلك أجاب انه يجب التواجد حيث تتفجر الأفكار والمعروف عنه شدة انتقاده لآليات السيطرة والتحكم فى النظام الغربي برغم صبغته الديمقراطية وكان يتطلع الى امكانية ايجاد بدائل أكثر انسانية . ما أود الاشارة اليه هو أن الثورة الايرانية تدخل الآن مخاضاً ! وهو في اعتقادي توليدي وليس قطعياً ينذر بانتهائها . أعتقد بأن ثمة رؤية جديدة سوف تنبثق من داخلها ستخرجها من دوغمائيتها المرتكزة على الطائفة والصلة الالهية وما الشكل المدني والقائمون عليه سوى وسائل لتوصيل مراد وغايات تلك الرؤية الالهية . وبالرغم من ذلك استطاعت هذه الثورة بشكلها الحالي بناء مؤسسات لا تعتمد على الفرد ومختلفة عن النمط الغربي مما قد يساعد ويسهل عملية التحول الديمقراطي ويعطى أملا بذلك خلافاً لما عهدنا من كثير من الثورات وخاصة ثوراتنا العربية التى لم تبن مؤسسات بقدر ما بنت أفراد ولم تبن أوطان بقدر ما بنت أوثان تعود بعدها الشعوب الى صحراء السياسة القاحل حيث الظمأ الى الحياة المدنية على أشده والجوع الى احترام انسانية المواطن فى أعلى درجاته. لقد أوجدت الثورة مؤسسات بالاضافة الى الحرس الثوري ورجال الدين كطبقة من أهمها مجلس الخبراء وهو الوحيد المنتخب بالاقتراع العام كما يوجد مجلس صيانة الدستور ومجلس تشخيص النظام وهما بالتعيين. ان ميزة هذه المجالس كونها مؤسسية برغم ما يعترى النظام برمته من مثالب وهى لذلك فى توافق مع توجه الدولة فى حينه عندما انطلقت الثوره الخمينية أي انها نبعت عن اراده مجتمعية في حينه بصورتها الراهنة وقد يبدو استنفاذها للفاعلية بصورتها الحالية وهو ما تثبته الاضطرابات الأخيرة والحالية إلا ان امكانية توليدها لنموذج متطور تبقى قائمة وباحتمال كبير لوجود المؤسسات وارتكاز النظام عليها, خاصة أن الشعب الايراني له طبيعة مختلفة حيث أن نسبة الشباب فيه عالية واستخدامه للتكنولوجيا مكثف خاصة وسائل الاتصال حيث يشير توماس فريدمان فى مقال أخير له في الهيرالد تربيون ان"twitter " وهو وسيلة اتصال حديثة مثل الفيس بوك قد حلت محل المؤذن فى المجتمع الايراني فيبدو من ذلك أن قضيه تطوير النظام قضية وقت ولا أعتقد بسرعة انهياره كما يعتقد البعض . قد يكون ما يحدث في ايران اليوم بداية لمثل هذا التطور والتحول خاصة وأن ثمة انقساماً بين آيات الله أنفسهم حول كثير من الأمور وفى مقدمتها قضية الولي الفقيه وها هو منتظري المبعد يعود للأضواء مع آرائه حول الولاية وعدم قناعته بها حيث جرى استبعاده جراء ذلك.على كل حال هل ما يحدث فى ايران اليوم حدث توليدي سيحول الثورة من صورتها الالهية الى كونها مشروعاً انسانياً مدنياً بالتدرج ويبعد عنها حمى الايديولوجية الدينية الطائفية ويوطنها لتعيش هموم الشعب والأمة  بعيدا عن ارتكازها على تجييش الخارج واستحلاب عدواته أملا فى تماسكها وتأبيد هذا التماسك؟ .
 أعتقد بأن الشعب الايراني من الشعوب الحية التى تستشعر المصير قبل أن يحين أوانه وتتمسك بحبل النجاة قبل أن تتبدى خيوط انقطاعه , لقد أنهت انتفاضة هذا الشعب والتى لاتزال قائمة سحر المشروع النووى مفضلة اشباع الجياع واحتضان المهمشين وستنهي وبلا شك التعويل على الدين والشعار الالهي طالما لم يحقق للانسان المنزلة التي أنزله الله اياها وجعل من الدين وسيله لتحقيق ذلك وليس غاية فى ذاته كدين.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق