الأحد، 3 أكتوبر 2010

من اغضب الى ما كان ينبغي .. وياقلبي لا تحزن

من اغضب- الى - ماكان ينبغي-
 وياقلبي لا تحزن

عبد العزيز الخاطر
2009 / 5 / 19
أزمة الرسوم الدنماركية
كنت ولا زلت على اقتناع بأن المسلمين بحاجة الى  الانتقال من فهم الدين الى تطبيقه بما يتوافق مع العصر المعاش , كنت ولا أزال مؤمن بأهمية الانجاز المادي للأمة ليبرهن على ما أوتيت من رسالة للعالمين جميعا ,كنت ولا أزال على ثبات من أن البون الشاسع بين ماتنادي به الأمة وما تعايشه سيكون سهماً قاتلاً للطعن فى ثوابتها, كنت ولا أزال مدركاً بأن البراغماتية التى تتبناها نخبها لا تتلائم مع الايديولوجيا التي تعيش عليها طبقاتها الأخرى المنهكة فلذلك كله تتفاعل الأمة مع ما يجابهها من أخطار ونوازع بطرق شتى بل وملتبسة وربما حتى يعارض بعضها بعضاً. التغير الكبير الذى حصل فى بنية الدولة فى العالم أجمع بعد الدخول فى عصر العولمة بحيث أصبحت الدولة هدفاً للكثير من النوازع والأهواء تحت مسميات عدة منها حقوق الانسان والمحافظة على البيئة وحقوق الأقليات وحرية التعبير والعقيدة ونزع القداسة عن كثير من المطلقات الدينية والدنيوية مثل هذه الامور تطلب قيام مجتمعات أهلية فى الغرب للدفاع عن خصوصياتها سواء أكانت جمعيات أم نقابات أم هيئات قضائية متعددة الاشكال , مثل هذه التشكيلات الأهلية لم تتجذر فى مجتمعاتنا بالشكل الذي يسمح لها بأن تكون درعاً واقياً يمكن حماية خصوصية هذه المجتمعات من خلاله وبأساليب عصرية موثرة فلذلك لم تجد هذه المجتمعات سوى ما تتمسك به من دين أو ايديولوجيات أخرى قومية كانت أم وطنية أم دينية حتى للدفاع عما تظنه اعتداءً على تاريخها أو حتى دينها بل ورسولها صلى الله عليه وسلم. المحزن فى ذلك أن مثل هذا الأسلوب يستنزف الداخل ولا يؤثر في الخارج حيث لا يفهمه العصر وخير مثال على ذلك أزمة الرسوم الدنماركية التى استدعتها مرة أخرى زيارة روس رئيس تحرير الجريدة الناشرة للرسوم للدوحة , ونعلم مدى الغضب الذي اجتاح الشارع العربي والخليجي بل والقطرى زاده الأئمة اشتعالا ودعوات للاستمرار فيه وتصعيده فكان بمثابة استنزاف للداخل المنهوك أصلاً دون مجتمع مدني ولا أهلي يحميه فلم تتعد الأمور كونها أصواتاً ارتفعت ثم عادت الى الخفوت مرة أخرى , فى حين أن رد الفعل على الزيارة لا كاد يذكر واكتفينا بكلمة ما كان ينبغى أن يتواجد فى الدوحة ! مثل ذلك التفاوت فى ردة الفعل متوقع لمن يدرك حال المجتمعات العربية فلذلك ماكان ينبغي من الأول التأجيج والاكتفاء بردة الفعل الطبيعية للناس بل كان من الأحرى اللجوء الى المؤسسات المدنية والقضائية في العالم بما فيها الدنماركية حيث الكثير من العرب المسلمين يحملون الجنسية الدنماركية كمواطنين لهم حقوق وعليهم واجبات بل أن أحدهم عضو فى البرلمان الدنماركي ذاته وتوفير التمويل اللازم لهم لمقاضاة من أساء لهم ولمعتقداتهم الى غير ذلك من الأساليب التى تعرفها تلك المجتمعات التى تعتبر الدين ظاهرة اجتماعية ناشئة أصلا من المجتمع وستعود اليه. ولا نزال نذكر حادثة سلمان رشدي وكيف حولته فتوى احلال دمه الى بطل يستقبله الرؤساء والملوك في الغرب وقضية تسنيمة نسرين البنغالية كذلك كل ذلك كان نتيجة استخدام الدين كأيديولوجيا فى مجتمعات اجتازت مرحلة أيديولوجيا الشعار الى الواقعية الأيديولوجية .على كل حال ,أعراض العولمه وانشطاراتها لا يمكن التعامل معها كما قلت دون قيام المجتمع الاهلي المقابل للمجتمع الرسمي المندمج بالضرورة بشكل أو بآخر مع ارهاصات العولمة كدول لا تستطيع العيش بذاتها وفى عزلتها والمجتمع الأهلي مرهون بوجود تشريعات تسمح بقيامه الى جانب المجتمع المدني ومؤسساته بأشكالها القضائية والسياسية وما الى ذلك , حينئذ يمكن التعبير وبفاعلية عن ارادة الناس ورغبتهم فى حمايه أنفسهم وعقائدهم بصورة أكثر تأثيرا بطريقة يحسب حسابها من قبل المنتهك بحيث لا يعود الى تكرارها مرة أخرى أما اذا استمر وضعنا على ما هو عليه فمن الأجدر أن نحاسب ونشفق من تجييش الجماهير والدهماء على أي منبر لكيلا تنصدم حينما تدرك بأن اللاءات الكبيرة تتحول الى نعم أكبر فى عصر العولمة لمن لا يملك من أدواتها شيئا بل يعيش متطفلاً على فوائضها, ونبحث بالتالي عما يخفف من روع  الجماهير عذرا كان أم لفظا.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق