الأحد، 3 أكتوبر 2010

الاقتصاد الريعي والفرصة التاريخية

الاقتصاد الريعي والفرصة التاريخية
عبد العزيز الخاطر
2010 / 5 / 3
يعزو المحللون عدم التطور السياسي لدولنا الى طبيعة الاقتصاد فيها والقائم على الريع بدل الانتاج الأمر الذى يحول البنية السياسية فيها الى الطبيعة التوزيعية التي لا تفرض مشاركة حقيقية وبالتالى يمكن الاستغناء عن العملية السياسية واستبدالها بنوع من التحالفات التقليدية التى توفر الاستقرار بفعل أنصبة التوزيع الريعية وتبقى تلك الدول على تخلفها السياسي برغم وجود تنمية أو نمو بالأحرى يمكن أن يشاهد لكل ذي بصيرة على الرغم من انه قائم على أساس هش انحيازي. والسؤال كيف يمكن العمل على حيادية الريع اذا كان من الصعب تحويله الى اقتصاد انتاجى لاسباب عديدة. تشكل بداية قيام الدولة نقطة مفصلية تفاوضية لذلك يشكل المجتمع وطبيعته حينذاك نقطة تحول ولكن لا يمكن تصور ما قد سيحدث مستقبلا والحالة تلك على ما هى حيث أن ظهور الدولة فى حد ذاته وعطاءاتها انجاز كبير ساعتئذ. الأمر الآخر ان اقتصاد الريع فى حد ذاته عرضة على مر الزمن للخضوع أو التعرض للمجاذبة بحسب تغير قوى المجتمع وتبدل الأوضاع بشرط اغتنام الفرصة التاريخية المؤاتية لخلق تسويات سياسية تجنب المجتمع مستقبلا كثيراً من المشاكل والاختناقات .
 بالطبع يعتمد ذلك على وضع المجتمع قبل قيام الدول, فمجتمع التجار قبل النفط مثلا يختلف عن مجتمع الرعاة مثلا من حيث قوته التفاوضية, حتى بعد تشكل الدولة يبقى اقتناص أو اغتنام الفرصة التاريخية مدخلا لتصحيح اعوجاج اقتصاد الريع وانزياحاته بشرط الوعي بأن ذلك فى صالح المجتمع ككل (وهذا ما سبق ذكره ) حتى وإن كان يفتقد القوى الحقيقية الفاعلة والضاغطة . قد تأتى الفرصة التاريخية من فوق كما حصل فى الكويت فى عهد عبدالله السالم الذى أوجد الدستور وسبق فيه المجتمع فى ذلك .
 الامارات العربية المتحدة كذلك تبدو نوعاً من الاقتصاد الريعي القائم على التسوية السياسية . ما أود الاشارة اليه هنا هو عدم الاستدلال بالحتمية التاريخية بمعنى الركون الحتمي لطبيعة الاقتصاد ، والتسليم بها كقدر لاسبيل للتعامل معه الا بالتسليم به وبمخرجاته. فالدخول فى عالم اليوم يفرض معالجات جديدة لاقتصاديات الدول يتشابك فيها الاقتصادي مع السياسي والاجتماعي.فاقتصادات الريع أكثر هشاشة للاستغلال من الاقتصاد الانتاجي وأكثر عرضة للتقلبات لسهولة اتخاذ القرار السياسي فيها دون تعقيد يذكر الأمر الذى له جوانب سلبية أكثر من جانبه الايجابي خاصة تحت الضغوط وعدم التنبه لاهمية المصير المشترك للمجتمع. على كل حال , يمكن تصور الفرصة التاريخية التى تقلل من أحادية الاقتصاد الريعي اذا عجز المجتمع عن فرضها لسبب أو لآخر فى التالي:
1- التنبه بأن العصر المعاش عصر الشعوب والعمل وبالتالي على توسيع مساحة المشاركة السياسية.
2- الايمان بخطورة بقاء الاقتصاد توزيعياً الى ما لانهاية مع ازدياد الكثافة. السكانية نتيجه ازدياد المشاريع التنموية فقد يفقد قيمته الارضائية والتوافقية.
3- خطورة الاتكال على منتجاته من بشر أو مادة لعدم قدرته طبيعياً على احتساب الكفاءة والقدرة الانتاجية واهماله لعنصر التعليم أو بالأحرى الاستغناء عنه .
4- التنبه الى انه لا يستغل قوى المجتمع بالشكل المطلوب فيمثل بالتالي هدراً ونزيفاً للمجتمع وقدراته ومواهبه وضياعا للقوى الحية فيه .
5- يشيع ثقافة النفاق والاسترزاق بعيداً عن الانتاجية والعمل طالما أن العملية توزيعية لا تتطلب سوى نوع من الثقافة الشفوية .
هذه بعض الأمور التى تحتم العمل على الخروج من ثقافة الريع بتعديل مكوناته وأساليب معالجته حتى وإن لم يقتنص المجتمع فرصة عمل ذلك أو لم تتوفر لديه مثل تلك الفرصة فى الماضي فلا أقل من مواكبة العصر ومتطلباته فتاريخ تلك الشعوب واحد ومصيرها واحد وكينونتها واحدة فبالتالى من يبكي اليوم كمن سيبكي فى الغد اذا كان ثمة بكاء قادم لا محالة.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق