الأحد، 3 أكتوبر 2010

تبدد رأس المال الاجتماعي وسطوة العنف الرمزي-مجتمات الخليج مثالا-

تبدد رأس المال الاجتماعي وسطوة العنف الرمزي-مجتمات الخليج مثالا-
عبد العزيز الخاطر
2010 / 4 / 14
مواطن بين ثقافتين
تبدد رأس المال الاجتماعي وسطوة العنف الرمزي
رأس المال الاجتماعي هو مجموع ما ينفقه الانسان على نفسه لتحسين وضعه الاجتماعي أو تموضعه داخل المجتمع ، والانفاق هنا ليس ماديا فقط وانما سلوكيا ومعنويا كذلك. اما العنف الرمزي فهو ما يمارسه البعض على البعض نتيجة تمايز وضعهم الاجتماعي أو الطبقي كأن يركب أحدهم سيارة فخمة وسط قرية لايمتلك أهلها الا الوسائل البدائية كوسيلة للمواصلات فتأثير ذلك عليهم يندرج تحت ما يسمى بالعنف الرمزي والامثلة كثيرة فى هذا المجال.
المواطن الخليجى والعربى بشكل عام موضع جلي لتمظهر هذين المؤشرين على شكل معادلة معكوسة تتمثل فى اضمحلال رأسماله الاجتماعي داخل مجتمعه وازدياد سطوة العنف الرمزي عليه من جهة أخرى من خلال بروز أشكال وتصرفات وأخلاقيات مادية ومعنوية تدل بشكل واضح على حالة من الاستعلاء فى مقابل حالة من الضعف وقلة الحيلة , بينما الوضع الطبيعى هو العكس حيث من المفروض أن يزداد وضع المواطن الاجتماعي ثراء وتتناقص بالتالى حدة سطوة العنف الرمزي الموجه اليه لو أن هذه المجتمعات تسير فى الوجهة الصحيحة لها. حتى فى المجتمعات التقليدية كمجتمعاتنا الخليجية التى تعتمد على الإرث التاريخي للعائلة أو القبيلة أو الأفراد كرأس مال اجتماعي لم يعد ذلك واضحاً وانما الواضح أن ذلك فى انحسار وليس سبب ذلك تطور البنى التقليدية للمجتمع بقدر ماهو سياسى الطابع وأمني الانضباط وتبعا لذلك يأتى طرف المعادلة الآخر وهو تزايد العنف الرمزي بأشكاله المختلفة وهو عنف كما قلت يؤذى نفسياً وقد لا يؤذى بدنياً ويأخذ شكلاً أوضح حيث يبدو التمايز فج الظهور ويتجه المجتمع بالتالى الى الانقسام أو الانشطار الى طرفين رويدا رويدا. استطاعت مجتمعاتنا في السابق من الاحتفاظ بوضع اجتماعي جيد لمواطنيها بعد ظهور النفط يجعل منه رأسمال حقيقي لهم والمعروف أنه قبل النفط كان الجميع على قدر ومسافة واحدة من الثروة والجاه الاجتماعي الأمر الذى هوّن من الاختلال المادى بينهم كأفراد وعوائل ومع الوقت كان المعول لهم هو رأس المال هذا فى تبنيهم لقضايا مجتمعهم حيث المكانة المميزة لهم جعلت الكفة تميل لصالحهم على جميع الحسابات والمعايير المادية التى قد يعبر عنها رأس المال المادى والحقيقي وبالتالى كانت مظاهر العنف الرمزي أقل بكثير مما هى عليه اليوم فكلما ازداد حجم رأس المال الاجتماعي للأفراد" المكانة الاجتماعية وتأثيرها" كلما خف تعريضهم للعنف الرمزي الذى يكشف تباين المجتمع حيث تعريض أو تعرض الشرائح الكبري فيه للالم النفسي والشعور بالدونية وبانعدام التأثير
أود أن أنبه هنا الى ضرورة المحافظة على رأس المال الاجتماعي للأفراد وأهل البلد بالشكل الذي لايضع الحاضر فى مقارنة أو مواجهة مع الماضي لأن الحاضر أغنى وأوفر وأكثر ثراء الأمر الذي سيؤدي بالتالي الى اضمحلال أشكال العنف الرمزي التى بدت تظهر وتبدو أكثر وضوحاً من ذى قبل. مواطن العنف الرمزي مواطن منهك لا ينتج ووطن العنف الرمزي وطن بلا مستقبل. لقد عاشت أجيال لا تملك سوى مكانتها الاجتماعية كرأس مال , كانوا أغنياء به واليوم هناك من يملك كنوز الدنيا ولكن لا رأسمال اجتماعي له داخل وطنه وصوته لايكاد يصل أذنيه. خطورة هذه المعادلة بين هذين المؤشرين انها تعكس صحة المجتمع نفسياً واجتماعياً اذا كانت فى وضعها الصحيح بازدياد رأسمال المجتمع الاجتماعي وبانخفاض نسبة تعرضه لأشكال العنف الرمزي أما اذا انعكست تلك المعادلة فنحن أمام مجتمع يذبل رويدا رويدا وقد ينتهى الى وضع يصبح من الصعب اطلاق صفة المجتمع ذاتها عليه.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق