الأحد، 3 أكتوبر 2010

فائض الثقافة وليس الثقافة

فائض الثقافة وليس الثقافة
عبد العزيز الخاطر
2010 / 2 / 7
عندمت نتكلم عن ثقافة معينة فنحن بالضروره نتكلم عن واقع معين يتشكل الآن . الفائض الثقافي عندما نستعير ثقافة مرحلة معينة لواقع لم ينتجها أصلا وربما يتعارض معها بل ويدحضها .
استمرأت دولنا العربية استخدام فائض الثقافة العربية على مدى العقود السابقة حتى بدا وكأنه آيل للنفاد. اعتقد بأننا نعايش واقعاً مأزوماً وبدلاً من أن نتحرك فيه بايجابية ثقافية نركن الى فائض الثقافة فى تاريخنا لنلبسه إياه .
كيف نحتفل مثلاً ببيت الحكمة ونعيش أعتى عصور الاستبداد الديني والطائفي؟ أليس ذلك استخداماً لفائض الثقافة من العصر المأموني !
كيف نحتفل بالفلسفة ونحن نجعل منها كفراً مباحاً أليس ذلك استخداماً لفائض الثقافة العربية فى أزهى عصور الدولة العباسية ؟
كيف نحتفل بالمناظرات ومجابهة الحجة بالحجة ونحن نعيش عصر القائد الملهم الذى لا يخطىء والأب الذى لا يعصيه أبناؤه أليس ذلك من فائض الثقافة العربية والاسلامية فى عصرها الأول؟
 اعتقد بأن الأمر لايستقيم والحال هذه ! و الدليل على ذلك شحّ حضور العامة وعدم الاقبال على تلك الفعاليات من قبل السواد الأعظم علامةً على ادراكهم بأن الفائض الثقافي مهما عظم لا يغنى عن الثقافة المرتبطة بالواقع .لقد عصرت الامة منذ زمن حصيلة تاريخها وحفظت أشعاره وحكمه وحتى نوادره واستعارت اسماءه فلم يغن ذلك من أمرها شيئا لأن اسقاط التاريخ على الواقع تشويهٌ للاثنين ولأن الواقع أصبح من الصلابة بحيث لا يتحرك بفعل المثال الزمني لذلك ونحن نحتفل بالثقافة العربية فى عاصمتنا الفتية علينا أن ندرك بأنه ليس هناك من دليل على النجاح سوى ما تحققه الامة من تقدم فى مجالات الواقع المعاش الانساني بالضرورة فكيف يمكننا أن نتناسى تقرير التنمية العربية الصادر منذ وقت قريب وتقارير الامم المتحدة والاقليمية عن مستوى الحريات والفقر والامية فى عالمنا العربي.
نحن نزيد الطين بله عندما نضع الماضى بديلاً عن الحاضر ونسدد لطمة أسى للمواطن العربى المنهوك الذى يئس من الشعور بحاضره يأسه من أن يعود الماضي .
شعوباً تتشظى ودولاً تتقاتل وديناً يتمزق وذئاباً تنتظر وحكومات لا ترضى بأن تزول وقيادات لاتخاف سوى الموت !!
عن أي ثقافة نتحدث ! وكم من السنين نحتاج ! ونحن نقتات من فائضنا الثقافي وهل يسمح لنا أصحاب ذلك الفائض بتشويه حين ندمجه فى واقع تعيس وهم من ابتدعه وتحمل المشاق فى ايجاده ؟
مهما حاول البعض التظاهر بأن الانجاز هو اقامة مثل تلك المناسبات الا أن حال الامة يحكى قصة أخرى لعل أنجع العواصم فى ذلك هى القدس لأنها حقيقة تعيش واقعها ولاتستطيع الفكاك منه فالسنة الماضية وهى بالضرورة تختلف عن جميع سنوات العواصم العربية الثقافية احتفلت بمقاومتها وبصمودها فكانت ثقافتها انعكاساً حقيقياً لواقعها .
ينبغي على الامة أن تخلق واقعها الثقافي وتعيشه وتجعل منه رافداً لفائضها الثقافي التاريخي أما أن تركن لذلك الفائض وأن تعيش فى جلبابه كل الوقت فإن ذلك يجعل من الثقافة همّاً يذكر الفرد والمجتمع بل والامة كلها بقصورها وبذنبها الذى لا يغتفر.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق