الأحد، 3 أكتوبر 2010

الادارة وفائض الوظيفة

الادارة وفائض الوظيفة
عبد العزيز الخاطر
2010 / 9 / 5
فضاء الحالة الابداعية وقيود المنصب
ماعلاقة الابداع بالمنصب؟ اذا اتفقنا أن الادارة علم وفن فما الاضافة التي يمكن أن يقدمها الفن للمنصب. راودتني مثل هذه التساؤلات وأنا أتتبع ما كتب عن الراحل غازى القصيبي رحمه الله . لواستثنينا القصيبي كحالة ابداعية لما كتب عنه الا اليسير كمسؤول أو وزير فحتى انجازه الوظيفي كان انعكاساً لحالته الابداعية . شفافية المبدع تجعل من المنصب حقل ابداع ومستودعاً من العلاقة الانسانية. نبحث دائما عن الكفاءة وهو أمر مطلوب لكن لا يمكن توظيفها بشكل جيد ما لم يتحول الى حالة ابداعية أو أن يرزق صاحبها ملكة الابداع.
 الامثلة كثيرة فى جميع الدول. حدود السياسة قاتلة وقيودها ضغط لايحتمل وحده صاحب الملكة الابداعية يستطيع أن يحول المنصب من مكتب بيروقراطي الى ملتقى حوار وتبادل للرأي وإن لم يمتلك القرار الفصل. قضية المعاملة التى أشار اليها القرآن وربطها مباشرة بالدين فيها اشارة واضحة لتميز أصحابها لانها فى الأساس حالة ابداعية لذلك اختصر الدين كلها بأنه المعاملة . كم مر على المناصب من رجال وكم طاف بالكراسي من مسؤولين ولكن لا يذكر التاريخ الا المبدعون . الابداع فى أساسه تجلٍ للحالة الانسانية التى قد تصدأ بفعل نوازع النفس البشرية وانقلاب الشهوة على سمو النفس وشفافيتها.
حدثني العديد ممن ساقتهم الظروف للعمل مع عدد من المبدعين فأشاروا الى أن قسوة العمل وتراتيبية وحتى الغربة كان وهجها خافتاً بقربهم .
 الابداع هو فائض الوظيفة المطلوب , لا أدعو الى اغفال العوامل الأخرى ولكن اذا وجد الابداع والكفاءة كان الأمر فى منتهاه. بالمقابل لابد من الاشارة الى أن المنصب فى أحيان كثيرة طارد للحالة الابداعية لأنه قد يكون من الصلابة والدوغمائية بحيث يعمل على قتلها أو تدجينها, هناك من المبدعين من يرفض المنصب وهناك من يحاول تثقيفه وهناك من يأمل فى اصلاحه . على كل حال. الجميع يحمل ما يبرره.ولكن تبقى الحالة الابداعية أقوى من المنصب لأنها تمثل كينونة الفرد حتى مع انحيازها السلبى فى بعض الاحيان, فتأييد هايدجر مثلا للنازية لم يقلل من عبقريته مثلا ودعم هيغل لغزوات نابليون لم ينقص من مكانته الفلسفية . الابداع أقوى من الوظيفة مهما حاولت هذه الاخيرة أن تحاصره أو أن تلجمه وأن تحد من قدرته على التطلع الى داخل الانسان بعيداً عن شكلانية المنصب وجدران المكاتب.
ومجتمعنا الصغير ليس استثناءاً فالحالة الابداعية لدى العديد ممن تسلموا مسؤوليات ومناصب كالدكتور حجر والدكتور كافود والدكتور حسن نعمه , شهد العديد ممن عاصروهم عملياً بأن العمل معهم كان فناً بامتياز, فى حين لو رجعنا الى تقاليد المنصب لتحول الأمر الى سجل للحضور والغياب وتجهماً وعبوساً وربما تكبراً .. لزوم المنصب ذاته.
عليكم بالحالة الابداعية ما أمكن فإن افقار الوطن الحقيقي فى اهمالها بل انه ليس من حسن السير فى الأرض والتفكر، تغييبها أو تجاوزها.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق