الأحد، 3 أكتوبر 2010

الديكتاتور أصله طيب

الديكتاتور أصله طيب
عبد العزيز الخاطر
2010 / 4 / 20
يذكر التاريخ أن نابليون اشتكى مرة من أن الناس يعطونه من السلطة أكثر مما ينبغى وبعد ذلك يصفونه بالديكتاتورية , الديكتاتور يولد على الفطرة فمجتمعه أو شعبه (يدكتره) ويؤلهه ثم بعد ذلك يجعل منه أضحية أو مشروعاً لأضحية. والخلاص؛ فكرة الخلاص الأبدى وغسل الخطايا والذنوب الدينية هى فى الأساس رؤية سياسية فى مجتمعاتنا لذلك يصبح صنعها وتيرة دائمة ووجعاً قائماً لا يمكن تصور الحياة بدونه وإلا تجردت من الرؤية الأخروية القائمة على غسل الذنوب والخطايا والتكفير عنها استعداداً لحياة جديدة بلا ذنوب أو خطايا سرمدية الطابع. الديكتاتور ينشأ بين ظهرانينا , يلعب معنا, يدرس فى صفوفنا, يأكل على موائدنا, يتزوج منا, هو طيب فى الأساس لا يختلف عنا ! من يجعله يختلف هى رؤيتنا له بعد ذلك , عقليتنا المتضاربة تصعد به دون ذنب ارتكبه سوى أن ساقته الأقدار ليتبوء مقعداً زائلاً جعلنا نحن منه دائماً وأزلياً, عقليتنا المتضاربة ما بين الديني والدنيوي تخلط الاثنين لتخرج لنا ما يفسد الأرض والعباد.صناعة الديكتاتور انسانية الطابع, سريعة العطب عند شعوب,سرمدية البقاء عند أخرى. الديكتاتور نفسه يتفاجأ بكونه ديكتاتوراً ولكن بعد حين , لا أحد ينبهه , الكل يصلي له ومن أجله, يجهل أمره ليصدق ما اتفق عليه الناس,ويتصور نفسه إماماً بعد ذلك بعد أن كان قائداً عسكرياً أو سياسياً, يصدق بأنه مرسل من السماء لانقاذ شعبه أو موح اليه بذلك.يضيق الشعب به وينسى أنه من نصبه وألّهه, يشتكى الناس من جوره وبطشه وينسى الناس أنهم من أهدى سوط العذاب له وأمسكه بيده. الديكتاتور كان طيباً فى المدرسة وفى صباه وشبابه الأول بل كان وطنياً وقائد اللمظاهرات ضد الاستعمار بل وشارك فى حروب الاستقلال وحروب الأمة ولكن كان عليه الا يخرج من جلباب أمته الحاضن والمفرخ لصناعة الديكتاتور والا ضاعت عليه مكتسباته السابقة. الديكتاتور كان انساناً طيباً رومانسياً يعيش هموم أمته ويتغنى بأمجادها السابقة وبأغانيها الوطنية ولكن تاريخنا لا تسطره الرومانسيات وتبادل الرأى والاخذ بالتى هى أحسن برغم المرويات والنصوص , الديكتاتور كان طيباً مع الجميع ولكنه اليوم يختص بأهله وبأقربائه ومن حوله ففى بؤرة وعيه أن هناك فقط فريقاً وحيداً مؤهلاً للنجاة دون غيره. الديكتاتورية عبء عند البعض ونزوة وشهوة عند آخرين. قلص شيراك فترة حكم الرئيس المنتخب فى فرنسا, بينما البعض لدينا يرى القرن مدة غير كافية للبدء بالاصلاح الموعود ليعطى مبررا لاستمراره حاكماً من قبره أو فى صورة ولده أو من يرثه. الديكتاتور صناعة عربية خالصة فكيف نبكي من شيء صنعناه ؟ الحريه قيمة أضعناها فكيف نبكي على شيء أضعناه ؟ الديكتاتور باختصار هو ذلك الصنم الذى يصنعه العربي من التمر قبل الاسلام ليعبده ، وليأكله بعد أن يجوع !
قرأت مرة أن أقدم ديكتاتور فى التاريخ هو من صنع عصا ووضع فى رأسها جزرة ووضعها أمام الحمار الذى ركبه وظل الحمار ماشياً وراءها ليلحق بها وظل الراكب الديكتاتور على ظهره يسير به ولم يصلا الى الآن. انه أقدم ديكتاتور لأقدم شعب فى التاريخ.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق