الأحد، 3 أكتوبر 2010

اليوم الوطني ووهم اللغة

اليوم الوطني ووهم اللغة
عبد العزيز الخاطر
2009 / 12 / 12
التاريخ ليس تسابقاً
الاحتفال باليوم الوطني ووهم اللغة
جميعنا مدعوون للاحتفال بالعيد الوطني للدولة دون استثناء ولكن هناك فرقاً بين مرحلة التأسيس ومرحلة البناء في ما بعد لذلك الاحتفال بالتأسيس وبالمؤسس يتطلب بعداً تاريخياً أبعد من الحاضر ومكتسباته وتشكلاته وتمظهره أو كما يبدو . لذلك ليس من الحقيقي أو المستحب أو من الوفاء الخلط بين المرحلتين على الأقل ثمة تمايز لأنها لم تكن مرحلة واحدة ولم يكن التاريخ ولا الجغرافيا بمثل هذا التراكم فالنتائج قد يدعي الجميع فى أحقيتها ولكن البدايات الصعبة سطرها التاريخ وكتبت بشكل لا يمكن انكاره أو تجاوزه . لم يستطع أحد- أن ينكر دور محمد نجيب مثلا فى الثورة المصرية برغم اغفاله وتجاهله عشرات السنين ولم يستطع أحد أن يغفل دور الملك سعود أيضا فعادت اليه جامعته ومكتسباته ولو بعد حين كذلك قد يكون بإمكانك المزايدة على التاريخ لكن لا يمكنك ازالته أو محوه فسيخرج يوما وتتضح معالمه. كما أسلفت نحن مع الاحتفال بذكرى المؤسس ولكنني أعتقد أنه من الضروري لللجنة المنظمة لمثل هذا الاحتفال التاريخي الشامل التنبه الى عدة أمور أهمها عدم الخلط بين اقامة العرضات لأنها فى الحقيقة "وهم" لغة لا أكثر لأنها قد تقام فى أي مناسبة وتستدعي لأي حدث دونما التصاق حقيقى بالواقع أو تعبير صادق لما كانت عليها الأوضاع بمعنى آخر قد تستدعى لتزييف الواقع لا لإظهاره لأنها تمشكل فوقي لا أكثر. لذلك أعتقد أنه من الحقيقة بمكان تبيان ما يلي :
أولا: اعطاء الاولوية الرسمية للابتهاج لأبناء قطر تاريخياً وجغرافياً ممن كانوا مع المؤسس وشاركوه فى مرحلة التأسيس وهم معروفون بل ودعمهم فى اظهار ابتهاجهم بهذه المناسبة وعدم زجهم للمنافسة لأن المرحلة تاريخية سابقة وليست آنية الحدوث للتنافس. مع الالتزام بالجميع وأحقيتهم بذلك.
ثانيا: كل الاحترام والتقدير لجميع من التحق بالدولة بعد ذلك ولهم كل الحق فى الفرحة والابتهاج ولكن العملية تحتاج الى تنظيم لا أكثر فالحقوق أولويات وتبعات تلتزم بها الأجيال ويسطر بها التاريخ.
ثالثا: أعتقد بأن عهد سمو حمد أميرنا الحالي حفظه الله هو مرحلة التأسيس الثانية "الدوله الثانية" فهو من وضع أسس الدولة العصرية وأدخلها التاريخ كدولة حداثية تقوم على قواعد الدولة الحديثة فهى بالتالي أحرى بالانصاف لجيل التأسيس ففي اعتقادي أننا مع سموه ندخل الدولة القطرية " الثانية" التى من المؤمل أن تستثمر الحاضر وأن تقيم كل الوزن للماضي أيضا بما لا يجعل الأمر اختلاطا وهذه مسؤولية اللجنة المنظمة.
رابعا:  فى الحقيقة لم أر أثناء مروري حتى قصر الوجبة ما يدل على حظوة التاريخ كتأسيس لدى اللجنة المنظمة وكل ما هناك احتفالات فى معظمها لجماعات تعكس مرحلة ما بعد ذلك و تسابق للبعض لاقتناص الوقت لا أكثر. وكان من الأجدى للجنة المنظمة أن تستدعي وأن تضع الأمور فى نصابها لأنه يوم "وطني" ليس قصوراً فى أحد ولكنها املاءات التاريخ لا أكثر ولا يمكن لأحد أن ينكر ذلك.

خامسا: الجميع فى قطر رهن لاستدعاء الحكومة ورؤيتها فعملية التنظيم مهمة جدا وينبغي ألا تترك الأمور للجهود الشخصية ولانتهاز الفرصة فى مناسبات تاريخية كهذه فالتاريخ لا ينتهك عرضه مؤجلا ، لأنه قد كتب وانتهى وكل ما يجرى بعد ذلك تزوير لا انتهاك . والتزوير لا يلبث أن يزول ولكن بإمكانه أن يعيق الأجيال ويسمم الأجواء ويلوث الدول.
سادسا: جميل أن تحتفل القبائل ولكن الأجمل أن تحتفل النقابات والجمعيات والمؤسسات المدنية فالقبيلة مهد كانت ولا تزال ولكن الارتقاء عن محدوديتها هو المطلوب والمرتجى . حبذا لو كانت هناك زيارات لجمعية الحقوقيين مثلا أو الاجتماعيين أو نقابات العمال كلها أمور ترتقي بالأمة وبتاريخها (طبعا بعد اشهارها)
سابعا: كلي أمل فى عهد الشيخ حمد ، فهو محتوي التاريخ وعاصر الأجيال والتحولات ولديه معرفة تاريخية انثروبولوجية بالشعب القطري لا تتحصل لغيره فنحن دائما نحمل الأمل طالما كان بيننا حمد أطال الله فى عمره وأبقاه.
يخطىء من يظن أن التاريخ تسابق فهو قد كتب ، ويمكن التراكم عليه والافصاح بذلك لا التخايل عليه أو واعادة كتابته مشوهاً ! نحن فى قطر مدينون لجاسم المؤسس وللقبائل التي شاركته البناء والتأسيس كما أننا أيضا مبتهجون ومرحبون لجميع من تداعى لهذه الدولة واتسق مع بنيانها وأجزل البذل فى بنائها ولكن التاريخ لا يكتب مرتين إلا وقد شابه الكثير مما قد يستدعي الغاء الإدعاء بأنه تاريخ يسطّر وتتناقله الأجيال بكل ثقة.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق