الأحد، 3 أكتوبر 2010

تحولات السلطة من القمع الى الضبط والتنظيم

تحولات السلطة من القمع الى الضبط والتنظيم
عبد العزيز الخاطر
2010 / 5 / 11
وجهان لعملة واحدة
يعتقد البعض أنه حتى صيرورة التحول الديمقراطي وانتقال المجتمع الى ممارسة العملية الديمقراطية بشكلها الموجود فى العالم المتقدم هو فى حقيقته ليس الا تحول لشكل وطبيعة السلطة نفسها , بمعنى أن النظام الديمقراطى الحديث لم يقو على التفكيك كونها علاقة اخضاع وقهر بقدر ما هي أدوات فرض تلك العلاقة . يشير ميشيل فوكو الى أن الاعتقاد سابقاً بأن المعرفة هى ما ينتج السلطة قد دُحض الى حد بعيد حتى أصبحت السلطة نفسها منتجة للمعرفة وهو الأمر الذى قلب القاعدة وحوّل عنف السلطة الى تنظيم وضبط. لم تعد الحاجة ملحة الى سجون بقدر الحاجة الى مستشفيات للمجانين والمعتوهين ومصحات عقلية ونفسية لمرضى العقل والنفس , وكل ما في الأمر وصم المعارض أو المكبوت أو المقهور بأحد أوصاف نزلاء تلك المستشفيات والمصحات ومعاملتهم كذلك. أصبح أسلوب العنف والاقصاء مكلفاً بعد تطور العالم اتصالياً فضاقت مساحة ما يمكن اخفاؤه وطمسه بعيداً عن عيون الرأى العام , والتقدم التكنولوجي الكبير والمتسارع في أنظمة الاتصال الحديثة جعل من المشاهدة لكل ما يجرى فى العالم أمراً ممكناً بفضل اليوتيوب والنقابات الأهلية والتجمعات الاجتماعية التي أثرت الفضاء بمواقعها بعيداً عن صرامة السلطة وشدتها السابقة. كل تلك الأمور جعلت من الأهمية بمكان تغير أسلوب السلطة والتحول فى ادراكها من القمع الى التنظيم , الأمر الذى يبدو فى ظاهره الرحمة الا انه يخفي فى باطنه العذاب. لذلك يبدو التعامل مع الواقع خياراً ذا حظ كبير بعد أن كان شعار رفضه فى السابق أمراً بديهياً لدى الشعوب, فى حين تبدو بعض الشعوب التى وصلت الى نقطة الصفر وبدأ العد السلبي لاتزال أو لا تجد محيصاً اعتماد التغيير الراديكالي كما حصل فى قرغيزيا مؤخرا, لذلك يبدو الكي آخر العلاج. لا أعتقد أنه من ذكاء أي سلطه كانت الانتظار الى بداية العد العكسي وهو أمر ربما مؤجل قريب أو بعيد الحدوث في الدول الثرية أو الغنية. لقد حذر أحد أقطاب مدرسة فرانكفورت للعلوم الاجتماعية ماركيز الى خطورة الركون حتى الى النظام البرلماني الحديث الذى يسمى بالديمقراطي لأنه فى النهاية وسيلة تنظيم مع الوقت سوف تمارسها السلطة لصالحها ! هنا تبدو اشكالية العلم الحديث الذى إن لم يكن نفياً مستمراً لا يستطيع أن يكون حلا دائماً لتغير الانسان والزمان وتعدد أطياف الحرية وألوانها مع تغير حاجات الانسان وما ينتج من أدوات تقفل أبواباً لتفتح أخرى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق