الأحد، 3 أكتوبر 2010

قمة غزة والعلاج بالصدمة

قمة غزة والعلاج بالصدمة
عبد العزيز الخاطر
2009 / 1 / 18
طبيب الأمة حمد
قمة غزة ....والعلاج بالصدمة
الصدمات الكهربائية هى الأمل الأخير فى اعادة القلب الى الحياه ثانية فاذا كان ثمة حس كهربائي واستجابة ولو فى جزء صغير منه عاد القلب الى نشاطه واستعاد الجسم حياته وتدفق الدم فى شرايينه وإن لم يستجب فلا أمل آخر ينتظر حيث استنفذت جميع الوسائل بما فيها الصدمة الكهربائية وهى آخر روشتات الدواء. هذا بالضبط فى اعتقادي ما تمثله قمة غزة المنعقدة فى الدوحة, صدمة النظام العربي الميت لمحاولة اعادته للحياة مرة أخرى على أمل أن موته فقط كان مؤقتا وحيث لاتزال فيه بقية من رجاء وأمل. لقد فشلت الأنظمة العربية الكبرى فى التعامل مع الموقف بسرعة, كما فشلت فى السابق مع مشكلة احتلال الكويت ورأى بعضها أن يستثمر ذلك أيضا كما جرى فى احتلال الكويت أيضا ولكن موقف قطر هنا بالذات ومبادرة سمو الأمير حمد منذ اليوم الأول بالدعوة الى عقد قمة طارئة شكّل بداية الصدمة للنظام العربي الرسمي الذى تعود على الانتظار والترقب حتى يجد ما يتناسب وضمان استمراره وبقائه حتى وإن كان ذلك على أشلاء الأطفال والأمهات والشيوخ المحاصرين والذين يتضورون جوعاً و مع تدرج الموقف القطري تصاعدياً مع الأحداث بشكل لم يألفه النظام الرسمي العربي الهرم من قبل واصراره على عقد القمة ووضع الجميع أمام مسؤلياته بل ووضع الحد الأدنى من الشروط لاستدراك الأزمة ومع التأييد الشعبي العارم من قبل شعوب الأمة كلها لذلك ,بدأت محاولات لاجهاض هذا الجهد القطري بدعوى عدم اكتمال النصاب مرة ولتدجينه واستيعابه ضمن سلوكيات النظام الرسمي العربي وعزله عن تيار الشعوب الذى بدا مؤيداً له بشكل أحرج بقية الأنظمة عن طريق اقناعه أن قمة الكويت كافية وكأن دماء غزة لا تستحق عملاً طارئاً ويمكن مناقشتها هامشياً كما جاء فى البيان المصري السعودي مع الاسف. فى اعتقادى أن قمة غزة كانت ضرورية وأهم من قمة الكويت لأنها ثورة على منطق النظام العربي نفسه وعلى تراتيبيته القاتلة ولأنها تضع محددات جديده تتفق ومعطيات العصر المعاش يمكن تصورها فى الآتى:
أولا: أن الحجم لا يغنى عن الدور فمن يتنازل عن دوره أو يتخاذل لا يغنيه حجمه ولا كثافته السكانية عن ذلك شيئا.
ثانيا: أن الدور لابد وأن ينسجم ومصالح الأمة الكبرى فليس مجرد القيام بالدور كافياً اذا كان على حساب مصالح الأمة وعلى كاهل الشعوب فأي دور أو وساطة تبرر للاحتلال وتدين مقاومته مثلا.
ثالثا: التاريخ رصيد ينفد فالتغني بأن التاريخ يشهد لدولة دون غيرها أو يميزها عن غيرها بتضحياتها خاصة فى قضية العرب الأولى فلسطين يشهد ويسجل لقيادة تلك المرحلة دون غيرها فلا يمكن اللجوء اليه دائما الا لمفلسي الحاضر.
رابعا: كسر التراتيبية العربية وأخذ زمام المبادرة حينما يتنصل أو يتنحى الأخ الأكبر عن القيام بدوره كما يجب فالقيادة فى العالم أجمع ليست لها علاقة بالحجم فالدول الكبرى لولا أنها دول مؤسسات لرأينا كثيراً من قياداتها لا تتفق وحجمها ودورها فى العالم.
خامسا: النظام العربي الرسمي فى العديد من الدول العربية مشغول بما يعتريه من تآكل داخلي نظراً لاستنفاده لمقومات بقائه لهرمه وشيخوخته لذلك هو مشغول بايجاد الوريث أكثر من اهتمامه بنحيب أطفال غزة وصوت الثكالى ولا يريد المبادرة خوفاً من افساد ترتيباته فى ذلك فحركته سلحفاوية ثقيلة وردود أفعال في الغالب فهو محتاج لصدمة بل لصدمات لافاقته.
سادسا:المؤسسات العربية الوحدوية فى مقدمتها الجامعة العربية نغفر لها عجزها ولكن لا يمكن أن يتعدى ذلك الى ما هو أبعد كتجيير ذلك العجز ونذكر بأن محمود رياض قدم استقالته فى ظروف مشابهة لظروف نكبة غزة المعاشة اليوم عندما انشق الصف العربي ابان زيارة السادات للقدس عام 77 . تحديد المواقف مهم فى الأوقات الحاسمة المصيرية لأن التاريخ سيكتب والاجيال ستحفظ.
سابعا: اتهمت قطر دائما بأنها تغرد خارج السرب وها هى اليوم أول من دعا السرب للالتئام فاذا به يتفرق ذات اليمين وذات الشمال وعندما أصرت وصف اجتماعها بأنه غير عربي مع أنه كان خيار السرب ألا يكون كذلك, فلم المزايدات اذن.
ثامنا: لابد وأن تكون هناك قمة عاجلة استجابة لمطالب الشارع العربي من المحيط الى الخليج .عملية التجميل بوضعها على قائمة المجتمعين فى الكويت لا تكفي فهى عمليه استدراكيي بعد البيان المصري السعودي , وأتساءل مع غيرى لماذا لم تسارع الدول العربية الكبرى المعترضة لطلب عقد قمة قبل قطر أو حتى بعدها التحجج بضرورة حسن الاعداد يلغي كل مشاعر الأمة ويدوس على مصيرها المشترك بحذاء الغير على الرغم من قمة القاهرة عشية احتلال الكويت لم يحسن لها الاعداد ولم تحسن لها الخاتمة .فلم التعلل الآن؟
على كل حال لقد وضعت قمة غزة فى الدوحة سقفا لمطالب الأمة أرجو ألا يكون مجالاً للمزايدات الأحادية الضيقة على حساب مصالح الأمة.
لقد كانت قمة غزة فى الدوحة ضرورية لاستيقاظ الوعي العربي من سباته العميق فالأمة بحاجة الى صدمة تأتيها من داخلها تذكرها بقدسية دماء أبنائها وكرامتها وعرضها المدنس .......... شكراً سمو الأمير حمد.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق