الأحد، 3 أكتوبر 2010

عندما يحضر الموت

عندما يحضر الموت
عبد العزيز الخاطر
2009 / 6 / 30
نغفل عنه وهو أكثر الحاضرين تواجداً, حضوره بيننا أكبر من احساسنا بالحياة . وحده الأمل يستر عنا هذه الحقيقة , يخفيها وهى اليقين الأوحد بين البشر لكي تستمر الحياة ويعمل الانسان ويكد ويستبشر بالأفضل دائما كما طلب منه, وإلا فإنه يعيش بين ظهرانينا, يملأ الفراغات التى بيننا, يرانا ولا نراه, نحسبه بعيداً وهو أقرب إلينا من أنفاسنا التى تخرج من صدورنا. ننساه لكنه لا ينسانا فنحن في ذاكرته وعلى جدوله , لا يتخلف عن موعد قد ضرب له, يرقب أمنياتنا ليقتنص الأكبر وربما الأسمن منها , يأتينا على حين غرة يصرع الأمل ويفتك بالأماني, لا يكترث لوهج الشمس فى النهار ولا يقيم حساباً لعتمة الليل وظلامه حين تحين ساعته, لا يشفق على كبير ولا ينتظر صغيراً ولا ترف عينه لمريض, الجميع على جدوله سواء فهو فى طبيعته أمر يجب تنفيذه لحكمة عليا, هو خلق من خلق الله كالحياة ذاتها ، قال تعالى : الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا " لايبدو عدماً اطلاقاً إلا لمن لم يدرك كنه هذه الحياة الزائلة ذاتها, هو امتداد لها بشكل آخر كما كانت هذه الحياة الجسدية امتداداً لما قبلها من حياة داخل الأرحام , السكن فى الجسد الى أجل مسمى له حكمة إلهية ووظيفة معينة محددة ذكرها الله فى جميع كتبه, لذلك فألم الموت الذى يحدثه للاخرين الذين لم يحن دورهم بعد هو فى حرقة الافتراق والاحساس به وفجائية الذهاب وقطع لذة الاتصال مع من نحب ولله فى ذلك حكمه ومراد يستشفه من سمت روحه واعتلى فوق مرام الجسد واستيقن الموت والحياة كفكرتين قبل أن ينغمس فيهما او يعايشهما عيانا. لايخلو بيت من زيارته ولاتخلو دار أو وطن إلا وله فيها مرتع طال أم قصر ! هذه هي طبيعته فهو الوجه الآخر للحياة وحدها الوصفة الإلهية هي القادرة على التخفيف على الانسان من شدة وطأته وثقل زيارته و بمن يرحل به وصفة الصبر والاحتساب الربانية وحدها من يبطل مفعول اليأس والاكتئاب الذى يرحل تاركاً إياهما يفتكان بالأمل والرجاء لمن غفل أو انغمس فى هذه الحياة انشغالا وتناسى قبيلها وصنوها. حتماً ان هذه الحياة الدنيا ليست نهاية المطاف فليس من باب العدل الإلهي أن تكون كذلك وإلا لفاز الظالمون وربح المستكبرون وهو أمر لا يتفق مع المنطق والعقل.
ان حزننا كبير يا "آل راشد" الكرام ولكن صبرنا أكبر وألمنا عميق ولكن احتسابنا للفقيدتين أعظم وأملنا فى الله وعفوه وغفرانه يزن ما قد يعيشه الانسان وإن جاوز عمر نوح عليه السلام مدةً . لاشك أن صيحة " يمه أنا ما اقدر أعيش من دونك....... يمه أنا لحقتج" شقت عنان السماء تلك الليلة قالها القلب الصغير المريض الذى كان يعتاش من وجود أمه الى جانبه فهو لم يقو على فراقها سوى سويعات قليلة. صفاء الحب وشدته وحدت فى الرحيل وجعلت من القلبين قلباً واحداً لا ينبض أحدهما دون الآخر. اللهم نسألك مخلصين أن تجمعهما فى فردوس نعيمك الدائم وأن تبدلهما داراً خيراً مما تركا وأن يلم شمل الجميع فى حياة أخرى لا تزول. وأن تفرغ على " آل راشد" الكرام وعلينا جميعا صبراً وسلواناً وتيقناً بلقائك وأن ترحم جميع موتى المسلمين. جعلنا الله ممن يستمعون القول ويتبعون أحسنه.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق