الأحد، 3 أكتوبر 2010

اصلاح النظام العربي أم اعلان وفاته

قمة الدوحة
اصلاح النظام العربي أم اعلان وفاته
عبد العزيز الخاطر
2009 / 3 / 25
قمة الدوحة الحالية هى محك حقيقي لاختبار قابلية النظام العربي الحالي لترميم ذاته والنمو من جديد بعد مراحل الضمور التى مر بها خلال العقود الماضية الى درجة لم يبق منه سوى اسمه ، دون ما يدل دلالة مادية على وجوده , هذه القمة فى اعتقادى أشبه بالأشعة السينية x-ray تكشف ماتبقى حقيقة من بنيته التي تضافرت عليها نخبه إضعافاً وتبديلاً ناهيك عن العوامل الخارجية التى تريد جسداً ضعيفاً يمكن العمل به واستنزاف دمائه ورمي أشلائه. تختلف هذه القمة كونها تمس بنية ومصير هذا النظام نفسه حيث جميع القمم السابقة كانت ترمي بثقل نتائجها على الشعوب بالدرجة الأولى وخسائرها كلها كانت تُمنى بها الشعوب وتنميتها بالدرجة الأولى فى حين لامساس حقيقي ببنية النظام العربي من الداخل أو حتى من الخارج الذى حوله الى مصرف لما ينتجه من بضائع واستهلاك. ثمة أسباب تدعوني الى القول بنوعية مختلفة لهذه القمة دون غيرها من القمم, نوعية تهم أركان النظام العربي فى كل قطر عربي على حدة قبل أن يكون اجتماعهم فى حد ذاته أمراً يشغل بالهم واهتمامهم بمصيرهم قبل شعوبهم الباقية لا محالة حيث سنة الحياة وتدابير القدر أول هذه الاسباب : هو السابقة التاريخية فى اتهام أحد عناصر النظام العربي بارتكاب مجازر وإباده جماعية بحق شعبه وطلبه "للعدالة الدولية " لا أتكلم عن مشروعية الاتهام ولكن على وقعه على الأذن العربية وهي التي تعاني من الاستبداد ما تعاني.
ثانيا: برغم أن هذا الاتهام يأتي من الخارج إلا أنه يحي أملاً لمن عانى من الاستبداد والقهر والتهميش عقوداً متتالية بامكانية التحصل عليه من الداخل بشكل من الأشكال ومهما مضى من زمن بمعنى أن عذرية النظام العربي من عدم المساءلة قد انتهكت وإن كان المنتهك خارجياً هذه المرة فقد يكون من المنهوكين داخلياً فى المرة القادمة خاصة وأن العالم أصبح يفيض بالمنظمات الحقوقية والقانونية المستقلة .
ثالثا: تأتي هذه القمة بعد مجزرة غزة و دماء أطفالها لم تجف بعد وتمزق وصل الى درجة الكفر بالنظام العربي وشخوصه فثمة استعداد لدى الشعوب وقابلية للرضا بشتى البدائل مهما كانت مؤلمة للخروج من حالة اليأس والقهر والضعف والمهانة.
رابعا: وصول حالة التنمية فى الدول العربية الى تخمة فى جزء وضمور وجوع الى العظم فى جزء آخر داخل المجتمع العربي الواحد والأزمة المالية الأخيرة كشفت وفضحت النظام العربي بشكل كبير اقتصادياً كما فعلت ذلك سياسياً مجزرة غزه تبلغ الأموال العربية المتبخرة من الازمة الأخيرة أكثر من ثلاثة آلاف مليار دولار "مسعود ضاهر – السفير 23-3-09 " أموال مكدسة فى الخارج بشكل أو بآخر كان بإمكانها ألا تدع عربياً يشكو الفاقة حتى عشرين عاماً قادمة.
خامسا: عدم قدرة النظام العربي على تجديد خلاياه بسرعة وبديناميكية وكفاءة
بمعنى أنه لا توجد آلية حقيقية فاعلة تاخذ بالعصر فعملية الانتظار طويلة يحسمها الموت وعمليات التوريث لم تقتصر على الشعوب التقليدية القبلية بل أخذت بها الجمهوريات والأنظمة التى كانت تدعي الراديكالية وحكم الشعب.
هذه الجزئية يجب تداركها بسرعة حفاظاً على سلامة المنطقة وخيراتها فالأمر ليس بصدد الحديث عن تحول ديمقراطي يأتي أو لا يأتي ! انها قضية أمنيه من الدرجة الأولى وقد تكون سبباً مباشراً لتدخل الغير متى ما أراد كما حدث فى العراق وغيره . مثل هذا الأمر يجب التعامل معه بسرعة لخطورته فهو دعوى بيد الغير أكثر منه فسحة بيد الأنظمة.
لهذه الأسباب أرى أن قمة الدوحة القادمة مختلفة كل الاختلاف عن غيرها. انها قمة النظام العربي بين امكانية الترميم أو استلامه لشهادة وفاته ولو بالتدريج لأول مرة يخف الثقل عن كاهل الشعوب اذا كانوا يدركون ذلك ! انها مؤشر حقيقي للقادة بأنه اذا كان الداخل ضعيفاً فإن خطر الخارج مستمر وينتظر الفرص ليس الا. فهذه المنطقة تعج بخيرات الأرض وتحتاج فى حمايتها الى الوعي بأهمية الانسان وكرامته لأن غياب ذلك هو المدخل الحقيقي لافتراس أنظمتها واللعب بمصائرها وخيراتها.
لأول مرة يبحث القادة مصيرهم بالدرجة الأولى لا مصير شعوبهم هذه هى الجدة فى قمة الدوحة وهذا هو الاختلاف فى الزمن وطبيعته فهو وإن لم تسايره ظناً منك بخداعه يأتيك من غير أن تحتسب أو تبصر. رزق الله قادتنا البصيرة والحكمة لتجنيب المنطقة أهوال عصر قادم لا مكان فيه لأنظمة بعيدة عن شعوبها بدأ بدماء أطفال غزة الأبرياء وثنىّ باتهام زعيم أكبر دولة عربية وجعل من المنطقة مسرحاً مفتوحاً لمفاجآته حيث الاستعصاء لا تقبل به سنن الكون. اللهم اجعل من قمة الدوحة انفراجا بعد طول حلكة فقد علمتنا الحكمة أن فى اشتداد الأزمة أو الكربة تفريجها.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق